تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٨ - الصفحة ١٦٤
سيلحق بهم وجزاء ما كسبوه سينالهم.
وعلى هذا فالمراد بالمغفرة في قوله: (قل للذين آمنوا يغفروا) الصفح والاعراض عنهم بترك مخاصمتهم ومجادلتهم، والمراد بالذين لا يرجون أيام الله هم الذين ذكروا في الآيات السابقة فإنهم لا يتوقعون لله أياما لا حكم فيها ولا ملك إلا له تعالى كيوم الموت والبرزخ ويوم القيامة ويوم عذاب الاستئصال.
وقوله: (ليجزي قوما بما كانوا يكسبون) تعليل للامر بالمغفرة أو للامر بالامر بالمغفرة ومحصله ليصفحوا عنهم ولا يتعرضوا لهم، فلا حاجة إلى ذلك لان الله سيجزيهم بما كانوا يكسبون فتكون الآية نظيرة قوله: (وذرني والمكذبين أولي النعمة ومهلهم قليلا إن لدينا أنكالا وجحيما) المزمل: 12، وقوله: (ثم ذرهم في خوضهم يلعبون) الانعام: 91، وقوله: (فذرهم يخوضوا ويلعبوا حتى يلاقوا يومهم الذي يوعدون) المعارج: 42، وقوله: (فاصفح عنهم وقل سلام فسوف يعلمون) الزخرف: 89.
ومعنى الآية: مر الذين آمنوا أن يعفوا ويصفحوا عن أولئك المستكبرين المستهزئين بآيات الله الذين لا يتوقعون أيام الله ليجزيهم الله بما كانوا يكسبون ويوم الجزاء يوم من أيامه أي ليصفحوا عن هؤلاء المنكرين لأيام الله حتى يجزيهم بأعمالهم في يوم من أيامه.
وفي قوله: (ليجزي قوما) وضع الظاهر موضع الضمير، وكان مقتضى الظاهر أن يقال: ليجزيهم، والنكتة فيه مع كون (قوما) نكرة غير موصوفة تحقير أمرهم وعدم العناية بشأنهم كأنهم قوم منكرون لا يعرف شخصهم ولا يهتم بشئ من أمرهم.
وبما تقدم من تقرير معنى الآية تتصل الآية وما بعدها بما قبلها وتندفع الاشكالات التي أوردوها عليها واهتموا بالجواب عنها، ويظهر فساد المعاني المختلفة التي ذكروها لها ومن أراد الاطلاع عليها فليراجع المطولات.
قوله تعالى: (من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها ثم إلى ربكم ترجعون) في موضع التعليل لقوله: (ليجزي قوما) الخ، ولذا لم يعطف وليس من الاستئناف في شئ.
ومحصل المعنى: ليجزيهم الله بما كسبوا فإن الأعمال لا تذهب سدى وبلا أثر
(١٦٤)
مفاتيح البحث: يوم القيامة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 ... » »»
الفهرست