تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٨ - الصفحة ٣٧٦
مغفرة ورزق كريم) الأنفال: 74، وغير ذلك - في السماء لثابت مقضي مثل نطقكم وتكلمكم الذي هو حق لا ترتابون فيه.
وجوز بعضهم أن يكون ضمير (إنه) راجعا إلى (ما توعدون) فقط أو إلى الرزق فقط أو إلى الله أو إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو إلى القرآن أو إلى الدين في قوله: (وإن الدين لواقع) أو إلى اليوم في قوله: (أيان يوم الدين) أو إلى جميع ما تقدم من أول السورة إلى ههنا، ولعل الأوجه رجوعه إلى ما ذكر في قوله: (وفي السماء رزقكم وما توعدون) كما قدمنا.
(كلام في تكافؤ الرزق والمرزوق) الرزق بمعنى ما يرتزق به هو ما يمد شيئا آخر في بقائه بانضمامه إليه أو لحوقه به بأي معنى كان كالغذاء الذي يمد الانسان في حياته وبقائه بصيرورته جزء من بدنه وكالزوج يمد زوجه في إرضاء غريزته وبقاء نسله وعلى هذا القياس.
ومن البين: أن الأشياء المادية يرتزق بعضها ببعض كالانسان بالحيوان والنبات مثلا فما يلحق المرزوق في بقائه من أطوار الكينونة ومختلف الأحوال كما أنها أطوار من الكون لاحقة به منسوبة إليه كذلك هي بعينها أطوار من الكون لاحقة بالرزق منسوبة إليه وإن كان ربما تغيرت الأسماء فكما أن الانسان يصير بالتغذي ذا أجزاء جديدة في بدنه كذلك الغذاء يصير جزء جديد من بدنه اسمه كذا.
ومن البين أيضا: أن القضاء محيط بالكون مستوعب للأشياء يتعين به ما يجري على كل شئ في نفسه وأطوار وجوده، وبعبارة أخرى سلسلة الحوادث بما لها من النظام الجاري مؤلفة من علل تامة ومعلولات ضرورية.
ومن هنا يظهر أن الرزق والمرزوق متلازمان لا يتفارقان فلا معنى لموجود يطرء عليه طور جديد في وجوده بانضمام شئ أو لحوقه إلا مع وجود الشئ المنضم أو اللاحق المشترك معه في طوره ذلك فلا معنى لمرزوق مستمد في بقائه ولا رزق له، ولا معنى لرزق متحقق ولا مرزوق له كما لا معنى لزيادة الرزق على ما يحتاج إليه المرزوق، وكذا
(٣٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 371 372 373 374 375 376 377 378 379 380 381 ... » »»
الفهرست