تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٨ - الصفحة ١٥٨
وفيه أن مقتضى ما وصفه من أمر العقل وقوعه قبل الثاني بل قبل أول المراتب على أن ما ذكره من إمكان اعتراء الشكوك على اليقين مما لا سبيل إلى تصوره.
وقيل في وجه الترتيب: أن تمام النظر في الثاني يضطر إلى النظر في الأول لان السماوات والأرض من أسباب تكون الحيوان بوجه فيجب أن تذكر قبله، وكذلك النظر في الثالث يضطر إلى النظر في الأولين أما الأول فظاهر، وأما الثاني فلانه العلة الغائية فلا بد أن يكون جامعا أي إن الثالث وهو المعلول يتوقف في معرفته على ذكر علته الغائية قبله.
وفيه أنه على تقدير صحته وجه لترتب الآيات دون مراتب الصفات الثلاث أعني الايمان والايقان والعقل. على أن الثالث أيضا كالأول من أسباب تكون الحيوان فيجب أن يتقدم على الثاني، وبوجه آخر الثاني علة غائية للأول فيجب أن يتقدم على الأول كما تقدم على الثالث.
وقيل: إن السبب في ترتيب هذه الفواصل أنه قيل: إن كنتم مؤمنين فافهموا هذه الدلائل، وإن كنتم لستم بمؤمنين وكنتم من طلاب الجزم واليقين فافهموا هذه الدلائل، وإن كنتم لستم بمؤمنين ولا موقنين فاجتهدوا في معرفة هذه الدلائل.
وفيه أنه على تقدير صحته وجه لترتب الصفات الثلاث دون أقسام الآيات الثلاثة على أن لازمه أن لا يختص شئ من الآيات الثلاث بواحدة من الصفات الثلاث بل يكون الجميع للجميع والسياق لا يساعد عليه. على أن ظاهر كلامه أنه فسر اليقين بالجزم وهو العلم فلا يبقى للعقل إلا الحكم الظني ولا يعبأ به في المعارف الاعتقادية.
قوله تعالى: (تلك آيات الله نتلوها عليك بالحق فبأي حديث بعد الله وآياته يؤمنون) الايمان بأمر هو العلم به مع الالتزام به عملا فلو لم يلتزم لم يكن إيمانا وإن كان هناك علم، قال تعالى: (وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم) النمل: 14، وقال:
(وأضله الله على علم) الجاثية: 23.
والآيات هي العلامات الدالة فآيات الله الكونية هي الأمور الكونية الدالة بوجودها الخارجي على كونه تعالى واحدا في الخلق متصفا بصفات الكمال منزها عن كل نقص وحاجة، والايمان بهذه الآيات هو الايمان بدلالتها عليه تعالى ولازمه الايمان به
(١٥٨)
مفاتيح البحث: الوقوف (1)، السب (1)، الترتيب (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 ... » »»
الفهرست