تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٨ - الصفحة ١٥٥
واختلاف الليل والنهار لايات) آل عمران: 190، وقوله: (ومن آياته خلق السماوات والأرض) الروم: 22، ونظائر هما كثيرة، ويستفاد من اختلاف التعبير الذي فيها أن معنى كون الشئ فيه آية هو كونه بنفسه آية كما يستفاد من اختلاف التعبير في مثل قوله: (إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لايات، وقوله: (إن في السماوات والأرض لايات) الآية، أن المراد من خلق السماوات والأرض نفسها لا غير.
والعناية في أخذ الشئ ظرفا للآية مع كونه بنفسه آية اعتبار جهات وجوده وأن لوجوده جهة أو جهات كل واحدة منها آية من الآيات ولو أخذت نفس الشئ لم يستقم إلا أخذها آية واحدة كما في قوله تعالى: (وفي الأرض آيات للموقنين) الذاريات:
20، ولو أخذت الآية نفس الأرض لم يستقم إلا أن يقال: والأرض آية للموقنين) وضاع المراد وهو أن في وجود الأرض جهات كل واحدة منها آية وحدها.
فمعنى قوله: (إن في السماوات والأرض) الخ، أن لوجود السماوات والأرض جهات دالة على أن الله تعالى هو خالقها المدبر لها وحده لا شريك له فإنها بحاجتها الذاتية إلى من يوجدها وعظمة خلقتها وبداعة تركيبها واتصال وجود بعضها ببعض وارتباطه على كثرتها الهائلة واندراج أنظمتها الجزئية الخاصة بكل واحد تحت نظام عام يجمعها ويحكم فيها تدل على أن لها خالقا هو وحده ربها المدبر أمرها فلو لا أن هناك من يوجدها لم توجد من رأس، ولولا أن مدبرها واحد لتناقضت النظامات وتدافعت واختلف التدبير.
ومما تقدم يظهر أن قول بعضهم: إن قوله: (في السماوات) بتقدير مضاف محذوف والتقدير في خلق السماوات، تكلف من غير ضرورة تدعو إليه.
قوله تعالى: (وفي خلقكم وما يبث من دابة آيات لقوم يوقنون) البث التفريق والإثارة وبثه تعالى للدواب خلقها وتفريقها ونشرها على الأرض كما قال في خلق الانسان (ثم إذا أنتم بشر تنتشرون) الروم: 20.
ومعنى الآية: وفيكم من حيث وجودكم المخلوق وفيما يفرقه الله من دابة من حيث خلقها آيات لقوم يسلكون سبيل اليقين.
وخلق الانسان على كونه موجودا أرضيا له ارتباط بالمادة نوع آخر من الخلق يغاير خلق السماوات والأرض لأنه مركب من بدن أرضي مؤلف من مواد كونية
(١٥٥)
مفاتيح البحث: الشراكة، المشاركة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 ... » »»
الفهرست