تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٨ - الصفحة ١٧١
ومماتهم أي تكون حياة هؤلاء كحياة أولئك وموتهم كموتهم فيكون الايمان والتشرع بالدين لغوا لا أثر له في حياة ولا موت ويستوى وجوده وعدمه.
وقوله: (ساء ما يحكمون) رد لحسبانهم المذكور وحكمهم بالمماثلة بين مجترحي السيئات والذين آمنوا وعملوا الصالحات ومساءة الحكم كناية عن بطلانه.
فالفريقان لا يتساويان في الحياة ولا في الممات.
أما أنهما لا يتساويان في الحياة فلان الذين آمنوا وعملوا الصالحات في سلوكهم مسلك الحياة على بصيرة من أمرهم وهدى ورحمة من ربهم كما ذكره سبحانه في الآية السابقة والمسئ صفر الكف، من ذلك وقال تعالى في موضع آخر: (فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا) طه: 124، وقال في موضع آخر: (أو من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها) الانعام: 122.
وأما أنهما لا يتساويان في الممات فلان الموت كما ينطق به البراهين الساطعة ليس انعداما للشئ وبطلانا للنفس الانسانية كما يحسبه المبطلون بل هو رجوع إلى الله سبحانه وانتقال من نشأة الدنيا إلى نشأة الآخرة التي هي دار البقاء وعالم الخلود يعيش فيها المؤمن الصالح في سعادة ونعمة وغيره في شقاء وعذاب.
وقد أشار سبحانه إليه فيما تقدم من كلامه بقوله: (كذلك يحيي الله الموتى) وقوله: (ثم إلى ربكم ترجعون) وغير ذلك، وسيتعرض له بقوله: (وخلق الله السماوات والأرض بالحق) الخ.
والآية من حيث تركيب ألفاظها المعنى المتحصل منها من معارك الآراء بين المفسرين وقد ذكروا لها محامل كثيرة والذي يعطيه السياق ويساعد عليه هو ما قدمناه ولا كثير فائدة في التعرض لوجوه أخر ذكروها فمن أراد الاطلاع عليها فليراجع المطولات.
قوله تعالى: (وخلق الله السماوات والأرض بالحق ولتجزى كل نفس بما كسبت وهم لا يظلمون) الظاهر أن المراد بالسماوات والأرض مجموع العالم المشهود والباء في (بالحق) للملابسة فكون خلق العالم بالحق كونه حقا لا باطلا ولعبا وهو أن يكون لهذا العالم الكائن الفاسد غاية ثابتة باقية وراءه.
وقوله: (ولتجزى) الخ، عطف على (بالحق) والباء في قوله: (بما كسبت)
(١٧١)
مفاتيح البحث: الموت (4)، الشقاء (1)، الضلال (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 ... » »»
الفهرست