ربوبيته والباقي ظاهر.
قوله تعالى: " قالوا يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا هذا ما وعد الرحمان وصدق المرسلون " البعث الإقامة، والمرقد محل الرقاد والمراد به القبر، وتعبيرهم عنه تعالى بالرحمان نوع استرحام وقد كانوا يقولون في الدنيا: " وما الرحمان " الفرقان: 60، وقوله: " وصدق المرسلون " عطف على قوله: " هذا ما وعد الرحمان " والجملة الفعلية قد تعطف على الاسمية.
وقولهم: يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا مبني على إنكارهم البعث وهم في الدنيا ورسوخ أثر الانكار والغفلة عن يوم الجزاء في نفوسهم وهم لا يزالون مستغرقين في الأهواء فإذا قاموا من قبورهم مسرعين إلى المحشر فاجأهم الورود في عالم لا يستقبلهم فيه إلا توقع الشر فأخذهم الفزع الأكبر والدهشة التي لا تقوم لها الجبال ولذا يتبادرون أولا إلى دعوة الويل والهلاك كما كان ذلك دأبهم في الدنيا عند الوقوع في المخاطر ثم سألوا عمن بعثهم من مرقدهم لان الذي أحاط بهم من الدهشة أذهلهم من كل شئ.
ثم ذكروا ما كانت الرسل عليهم السلام يذكرونهم به من الوعد الحق بالبعث والجزاء فشهدوا بحقية الوعد واستعصموا بالرحمة فقالوا: " هذا ما وعد الرحمان " على ما هو دأبهم في الدنيا حيث يكيدون عدوهم إذا ظهر عليهم بالتملق وإظهار الذلة والاعتراف بالظلم والتقصير ثم صدقوا الرسل بقولهم: " وصدق المرسلون ".
وبما تقدم ظهر أولا وجه دعوتهم بالويل إذا بعثوا.
وثانيا وجه سؤالهم عمن بعثهم من مرقدهم الظاهر في أنهم جاهلون به أولا ثم إقرارهم بأنه الذي وعده الرحمان وتصديقهم المرسلين فيما بلغوا عنه تعالى.
ويظهر أيضا أن قوله: " من بعثنا من مرقدنا " الخ وقوله: " هذا ما وعد الرحمان " الخ. من قولهم.
وقيل: قوله: " وصدق المرسلون " عطف على مدخول " ما " و " ما " موصولة أو مصدرية و " هذا ما وعد الرحمن " الخ جواب من الله أو من الملائكة أو من المؤمنين لقولهم: " من بعثنا من مرقدنا "؟