تسبيح على ما يعطيه السياق لا إخبار.
وقوله: " مما تنبت الأرض " هو وما بعده بيان للأزواج والذي تنبت الأرض هو النبات ولا يبعد شموله الحيوان وقد قال تعالى في الانسان وهو من أنواع الحيوان " والله أنبتكم من الأرض نباتا " نوح: 17 ويؤيد ذلك أن ظاهر سياق البيان استيعابه للمبين مع عدم ذكر الحيوان في عداد الأزواج.
وقوله: " ومن أنفسهم " أي الناس، وقوله: " ومما لا يعلمون " وهو الذي يجهله الانسان من الخليقة أو يجهل كيفية ظهوره أو ظهور الكثرة فيه.
وربما قيل في الآية: إن المراد بالأزواج الأنواع والأصناف، ولا يساعد عليه الآيات التي تذكر خلق الأزواج كقوله تعالى: " ومن كل شئ خلقنا زوجين لعلكم تذكرون " الذاريات: 49 والمقارنة ونوع من التألف والتركب من لوازم مفهوم الزوجية.
قال الراغب: يقال لكل واحد من القرينين من الذكر والأنثى في الحيوانات المتزاوجة: زوج، ولكل قرينين فيها وفي غيرها: زوج كالخف والنعل، ولكل ما يقترن بآخر مماثلا له أو مضادا: زوج، قال: وقوله: " خلقنا زوجين " فبين أن كل ما في العالم زوج من حيث إن له ضدا ما أو مثلا ما أو تركيبا ما بل لا ينفك بوجه من تركيب. انتهى.
فزوجية الزوج هي كونه مفتقرا في تحققه إلى تألف وتركب ولذلك يقال لكل واحد من القرينين من حيث هما قرينان: زوج لافتقاره إلى قرينه، وكذا يقال لمجموع القرينين: زوج لافتقاره في تحققه زوجا إلى التألف والتركب فكون الأشياء أزواجا مقارنة بعضها بعضا لانتاج ثالث أو كونه مولدا من تألف اثنين.
قوله تعالى: " وآية لهم الليل نسلخ منه النهار فإذا هم مظلمون " آية أخرى من آيات الربوبية الدالة على وقوع التدبير العام السماوي للعالم الانساني مذكورة في أربع آيات.
ولا شك أن الآية تشير إلى مفاجأة الليل عقيب ذهاب النهار، والسلخ في الآية بمعنى الاخراج ولذلك عدي بمن ولو كان بمعنى النزع كما في قولنا: سلخت الإهاب عن الشاة تعين تعديه بعن دون من.