وغير خفي أنه خلاف الظاهر وخاصة على تقدير كون " ما " مصدرية ولو كان قوله: " هذا ما وعد الرحمان " الخ. جوابا من الله أو الملائكة لقولهم: " من بعثنا من مرقدنا " لا جيب بالفاعل دون الفعل لأنهم سألوا عن فاعل البعث! وما قيل: إن العدول إليه لتذكير كفرهم وتقريعهم عليه مع تضمنه الإشارة إلى الفاعل هذا. لا يغني طائلا.
وظهر أيضا أن قوله: " هذا ما وعد الرحمان " مبتدء وخبر، وقيل " هذا " صفة لمرقدنا بتأويل اسم الإشارة إلى المشتق و " ما " مبتدء خبره محذوف تقديره ما وعد الرحمان حق وهو بعيد عن الفهم.
قوله تعالى: " إن كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم جميع لدينا محضرون " اسم كان محذوف والتقدير إن كانت الفعلة أو النفخة إلا نفخة واحدة تفاجئهم أنهم مجموع محضرون لدينا من غير تأخير ومهلة.
والتعبير بقوله: " لدينا " لان اليوم يوم الحضور لفصل القضاء عند الله سبحانه.
قوله تعالى: " فاليوم لا تظلم نفس شيئا ولا تجزون إلا ما كنتم تعملون " أي في هذا اليوم يقضي بينهم قضاء عدلا ويحكم حكما حقا فلا تظلم نفس شيئا.
وقوله: " ولا تجزون إلا ما كنتم تعملون " عطف تفسير لقوله: فاليوم لا تظلم نفس شيئا " وهو في الحقيقة بيان برهاني لانتفاء الظلم يومئذ لدلالته على أن جزاء أعمال العاملين يومئذ نفس أعمالهم، ولا يتصور مع ذلك ظلم لان الظلم وضع الشئ في غير موضعه وتحميل العامل عمله وضع الشئ في موضعه ضرورة.
وخطاب الآية من باب تمثيل يوم القيامة وإحضاره وإحضار من فيه بحسب العناية الكلامية، وليس - كما توهم - حكاية عما سيقال لهم أو يخاطبون به من جانب الله سبحانه أو الملائكة أو المؤمنين يوم القيامة فلا موجب له من جهة السياق.
والمخاطب بقوله: " ولا تجزون إلا ما كنتم تعملون " السعداء والأشقياء جميعا.
وما قيل عليه أن الحصر يأبى التعميم فإنه تعالى يوفى المؤمنين أجورهم ويزيدهم من فضله أضعافا مضاعفة مدفوع بأن الحصر في الآية ناظر إلى جزاء العمل وأجره وما