عدم الملكة يتوقف في تحققه على تحقق الملكة المقابلة له قبله حتى يتعين بالإضافة إليه فلو لا البصر لم يتحقق عمى ولولا النهار لم يتحقق الليل.
فمطلق الليل بمعناه الذي هو به ليل مسبوق الوجود بالنهار وقوله: " ولا الليل سابق النهار " وإن كان ناظرا إلى الترتيب المفروض بين النهر والليالي وأن هناك نهارا وليلا ونهارا وليلا وأن واحدا من هذه الليالي لا يسبق النهار الذي بجنبه.
لكنه تعالى أخذ في قوله: " ولا الليل سابق النهار " مطلق الليل ونفى تقدمه على مطلق النهار ولم يقل: " إن واحدا من الليالي الواقعة في هذا الترتيب لا يسبق النهار الواقع في الترتيب قبله.
فالحكم في الآية مبني على ما يقتضيه طبيعة الليل والنهار بحسب التقابل الذي أودعه الله بينهما وقد استفيد منه الحكم بانحفاظ الترتيب في تعاقب الليل والنهار فإن كل ليل هو افتقاد النهار الذي هو يتلوه فلا يتقدم عليه وإلى هذا يشير عليه السلام بعد ذكر الآية بقوله: " أي الليل قد سبقه النهار " يعني أن سبق النهار الليل هو خلقه قبله وليس كما يتوهم أن هناك نهر أو ليالي موجودة ثم يتعين لكل منها محله.
وقول المعترض: " وأما بالحساب فله وجه في الجملة " لا يدري وجه قوله: في الجملة وهو وجه تام مبني على تسليم أصول التنجيم صحيح بالجملة على ذلك التقدير لا في الجملة.
وكذا قوله: " ورآى المنجمون أن ابتداء الدورة دائرة نصف النهار وله موافقة لما ذكر " لا محصل له لان دائرة نصف النهار وهي الدائرة المارة على القطبين ونقطة ثالثة بينهما غير متناهية في العدد لا تتعين لها نقطة معينة في السماء دون نقطة أخرى فيكون كون الشمس في إحداهما نهارا للأرض دون الأخرى.
وفي المجمع في قوله تعالى: " وإذا قيل لهم اتقوا ما بين أيديكم وما خلفكم " روى الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: معناه اتقوا ما بين أيديكم من الذنوب وما خلفكم من العقوبة.
* * * ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين - 48. ما ينظرون