وإنما نسب الحمل إلى الذرية دونهم أنفسهم فلم يقل: إنا حملناهم لإثارة الشفقة والرحمة.
قوله تعالى: " وخلقنا لهم من مثله ما يركبون " المراد به - على ما فسروه - الانعام قال تعالى: " وجعل لكم من الفلك والانعام ما تركبون " الزخرف: 12 وقال:
" وعليها وعلى الفلك تحملون " المؤمن 80.
وفسر بعضهم الفلك المذكور في الآية السابقة بسفينة نوح عليه السلام وما في هذه الآية بالسفن والزوارق المعمولة بعدها وهو تفسير ردئ ومثله تفسير ما في هذه الآية بالإبل خاصة.
وربما فسر ما في هذه الآية بالطيارات والسفن الجوية المعمولة في هذه الاعصار والتعميم أولى.
قوله تعالى: " وإن نشأ نغرقهم فلا صريخ لهم ولا هم ينقذون " الصريخ هو الذي يجيب الصراخ ويغيث الاستغاثة، والانقاذ هو الانجاء من الغرق.
والآية متصلة بقوله السابق: " إنا حملنا ذريتهم في الفلك المشحون " أي إن الامر إلى مشيتنا فإن نشأ نغرقهم فلا يغيثهم مغيث ولا ينقذهم منقذ.
قوله تعالى: " إلا رحمة منا ومتاعا إلى حين " استثناء مفرغ والتقدير لا ينجون بسبب من الأسباب وأمر من الأمور إلا لرحمة منا تنالهم ولتمتع إلى حين الاجل المسمى قدرناه لهم.
قوله تعالى: " وإذا قيل لهم اتقوا ما بين أيديكم وما خلفكم لعلكم ترحمون " لما ذكر الآيات الدالة على الربوبية ذمهم على عدم رعايتهم حقها وعدم إقبالهم عليها وعدم ترتيبهم عليها آثارها فإذا قيل لهم هذه الآيات البينات ناطقة أن ربكم الله فاتقوا معصيته في حالكم الحاضرة وما قدمتم من المعاصي، أو عذاب الشرك والمعاصي التي أنتم مبتلون بها وما خلفتم وراءكم، أو اتقوا ما بين أيديكم من الشرك والمعاصي في الحياة الدنيا وما خلفكم من العذاب في الآخرة، أعرضوا عنه ولم يستجيبوا له على ما هو دأبهم في جميع الآيات التي ذكروا بها.
ومن هنا يظهر أولا أن المراد بما بين أيديهم وما خلفهم الشرك والمعاصي التي هم مبتلون بها في حالهم الحاضرة وما كانوا مبتلين به قبل، أو العذاب الذي استوجبوه