الأرزاق بل هو مما اختصصنا بخلقه وتتميم التدبير به من دون أن تستعين بهم فما بالهم لا يشكرون.
ويؤيد هذا المعني قوله تعالى في أواخر السورة وهو بمتن عليهم بخلق الانعام لتدبير أمر رزقهم وحياتهم: " أو لم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعاما - إلى أن قال - ومنها يأكلون ولهم فيها منافع ومشارب أفلا يشكرون ".
واحتمل بعضهم كون " ما " في " وما عملته " موصولة معطوفة على " ثمره " والمعنى ليأكلوا من ثمره ومن الذي عملته أيديهم من ثمره كالخل والدبس المأخوذين من التمر والعنب وغير ذلك.
وهذا الوجه وإن عده بعضهم أوجه من سابقه ليس بذاك فإن المقام مقام بيان آيات دالة على ربوبيته تعالى بذكر أمور من التدبير يخصه تعالى ولا يناسبه ذكر شئ من تدبير الغير معه وتتميم الحجة بذلك، ولو كان المراد ذكر عملهم بما أنه منته إلى خلقه تعالى وجزء من التدبير العام كان الأنسب أن يقال: وما هديناهم إلى عمله أو ما يؤدي معناه لينتفي به توهم الشركة في التدبير.
واحتمل بعضهم كون " ما " نكرة موصوفة معطوفة على " ثمره " والمعنى ليأكلوا من ثمره ومن شئ عملته أيديهم. هذا ويرد عليه ما يرد على سابقه.
وقوله: " أفلا يشكرون " توبيخ واستقباح لعدم شكره، وشكره تعالى منهم على هذا التدبير إظهارهم جميل نعمه بذكره قولا وفعلا أي إظهارهم أنهم عباد له مدبرون بتدبيره وهو العبادة فشكره تعالى هو الاعتراف بربوبيته واتخاذه إلها معبودا.
قوله تعالى: " سبحان الذي خلق الأزواج كلها مما تنبت الأرض ومن أنفسهم ومما لا يعلمون " إنشاء لتنزيهه تعالى، لما ذكر عدم شكرهم له على ما خلق لهم من أنواع النبات ورزقهم من الحبوب والأثمار، وإنما عمل ذلك بتزويج بعض النبات بعضا كما قال:
" وأنبتنا فيها من كل زوج بهيج " ق: 7 أشار إلى ما هو أعظم وأوسع من خلق أزواج النبات وهو خلق الأزواج كلها وتنظيم العالم المشهود باستيلاد كل شئ من فاعل ومنفعل قبله هما أبواه كالذكر والأنثى من الانسان والحيوان والنبات، وكل فاعل ومنفعل يتلاقيان فينتجان بتلاقيهما أمرا ثالثا، أشار تعالى إلى ذلك فنزه نفسه بقوله: " سبحان الذي خلق الأزواج كلها " الخ. فقوله: " سبحان الذي خلق الأزواج كلها " إنشاء