تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٧ - الصفحة ٨٧
الأرزاق بل هو مما اختصصنا بخلقه وتتميم التدبير به من دون أن تستعين بهم فما بالهم لا يشكرون.
ويؤيد هذا المعني قوله تعالى في أواخر السورة وهو بمتن عليهم بخلق الانعام لتدبير أمر رزقهم وحياتهم: " أو لم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعاما - إلى أن قال - ومنها يأكلون ولهم فيها منافع ومشارب أفلا يشكرون ".
واحتمل بعضهم كون " ما " في " وما عملته " موصولة معطوفة على " ثمره " والمعنى ليأكلوا من ثمره ومن الذي عملته أيديهم من ثمره كالخل والدبس المأخوذين من التمر والعنب وغير ذلك.
وهذا الوجه وإن عده بعضهم أوجه من سابقه ليس بذاك فإن المقام مقام بيان آيات دالة على ربوبيته تعالى بذكر أمور من التدبير يخصه تعالى ولا يناسبه ذكر شئ من تدبير الغير معه وتتميم الحجة بذلك، ولو كان المراد ذكر عملهم بما أنه منته إلى خلقه تعالى وجزء من التدبير العام كان الأنسب أن يقال: وما هديناهم إلى عمله أو ما يؤدي معناه لينتفي به توهم الشركة في التدبير.
واحتمل بعضهم كون " ما " نكرة موصوفة معطوفة على " ثمره " والمعنى ليأكلوا من ثمره ومن شئ عملته أيديهم. هذا ويرد عليه ما يرد على سابقه.
وقوله: " أفلا يشكرون " توبيخ واستقباح لعدم شكره، وشكره تعالى منهم على هذا التدبير إظهارهم جميل نعمه بذكره قولا وفعلا أي إظهارهم أنهم عباد له مدبرون بتدبيره وهو العبادة فشكره تعالى هو الاعتراف بربوبيته واتخاذه إلها معبودا.
قوله تعالى: " سبحان الذي خلق الأزواج كلها مما تنبت الأرض ومن أنفسهم ومما لا يعلمون " إنشاء لتنزيهه تعالى، لما ذكر عدم شكرهم له على ما خلق لهم من أنواع النبات ورزقهم من الحبوب والأثمار، وإنما عمل ذلك بتزويج بعض النبات بعضا كما قال:
" وأنبتنا فيها من كل زوج بهيج " ق: 7 أشار إلى ما هو أعظم وأوسع من خلق أزواج النبات وهو خلق الأزواج كلها وتنظيم العالم المشهود باستيلاد كل شئ من فاعل ومنفعل قبله هما أبواه كالذكر والأنثى من الانسان والحيوان والنبات، وكل فاعل ومنفعل يتلاقيان فينتجان بتلاقيهما أمرا ثالثا، أشار تعالى إلى ذلك فنزه نفسه بقوله: " سبحان الذي خلق الأزواج كلها " الخ. فقوله: " سبحان الذي خلق الأزواج كلها " إنشاء
(٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة فاطر 5
2 (سورة فاطر 1) كلام في الملائكة. (بحث قرآني) 12
3 (15 - 26) كلام في معنى عموم الانذار. (بحث عقلي) 38
4 سورة يس 61
5 سورة الصافات 119
6 (الصافات 1 - 11) كلام في معنى الشهب. (بحث قرآني) 124
7 (114 - 132) كلام في قصة إلياس عليه السلام. (بحث قرآني وروائي) 159
8 1 - قصته في القرآن. (بحث قرآني وروائي) 159
9 2 - الأحاديث فيه. (بحث قرآني وروائي) 159
10 (133 - 148) كلام في قصة يونس عليه السلام في فصول. (بحث مختلط) 165
11 1 - قصته في القرآن. (بحث مختلط) 165
12 2 - قصته عند أهل الكتاب. (بحث مختلط) 167
13 3 - ثناؤه تعالى عليه. (بحث مختلط) 169
14 سورة ص 180
15 (17 - 29) كلام في قصة داود عليه السلام في فصول. (بحث قرآني) 201
16 1 - قصته في القرآن. (بحث قرآني) 201
17 2 - جميل الثناء عليه. (بحث قرآني) 201
18 3 - حول قصة المتخاصمين. (بحث قرآني) 201
19 (41 - 48) كلام في قصة أيوب عليه السلام في فصول. (بحث قرآني وروائي) 212
20 1 - قصته في القرآن. (بحث قرآني وروائي) 212
21 2 - جميل ثنائه. (بحث قرآني وروائي) 212
22 3 - قصته في الروايات. (بحث قرآني وروائي) 212
23 خبر اليسع وذي الكفل عليهما السلام. (بحث روائي) 216
24 سورة الزمر 230
25 (1 - 10) كلام في معنى الرضا والسخط من الله. (بحث عقلي وقرآني) 240
26 سورة المؤمن 301
27 سورة حم السجدة 357
28 (حم السجدة) كلام فيه تتميم في معنى السماء. (بحث قرآني) 369
29 (1 - 11) بحث إجمالي في سراية العلم. (بحث قرآني) 381
30 (13 - 25) بحث إجمالي آخر في ذلك. (بحث فلسفي) 382