تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٧ - الصفحة ٧٨
أشار إليه بقوله: " وما لي لا أعبد الذي فطرني ".
وعن الثانية أن هؤلاء الالهة إن كانت لهم شفاعة كانت مما أفاضه الله عليهم والله سبحانه لا يعطيهم ذلك إلا فيما لا تتعلق به منه إرادة حاتمة ولازمه أن شفاعتهم فيما أذن الله لهم فيه كما قال: " ما من شفيع إلا من بعد إذنه " يونس: 3 أما إذا أراد الله شيئا إرادة حتم فلا تنفع شفاعتهم شيئا في المنع عن نفوذها فاتخاذهم آلهة وعدمه سواء في عدم التأثير لجلب خير أو دفع شر، وإلى ذلك أشار بقوله: " أأتخذ من دونه آلهة إن يردن الرحمان بضر لا تغن عني شفاعتهم شيئا ولا ينقذون ".
وتعبيره عنه تعالى بالرحمان إشارة إلى سعة رحمته وكثرتها وأن النعم كلها من عنده وتدبير الخير والشر إليه ويتحصل من هنا برهان آخر على وحدانيته تعالى في الربوبية، إذ لما كان جميع النعم وكذا النظام الجاري فيها، من رحمته وقائمة به من غير استقلال في شئ منها كان المستقل بالتدبير هو تعالى حتى أن تدبير الملائكة لو فرض تدبيرهم لشئ من رحمته تدبيره تعالى وكانت الربوبية له تعالى وحده وكذا الألوهية.
قوله تعالى: " إني إذا لفي ضلال مبين " تسجيل للضلال على اتخاذ الالهة.
قوله تعالى: " إني آمنت بربكم فاسمعون " من كلام الرجل خطابا للرسل وقوله: " فاسمعون " كناية عن الشهادة بالتحمل، وقوله: " إني آمنت بربكم " الخ.
تجديد الشهادة بالحق وتأكيد للايمان فإن ظاهر السياق أنه إنما قال: " إني آمنت بربكم " بعد محاجته خطابا للرسل ليستشهدهم على إيمانه وليؤيدهم بإيمانهم بمرئى من القوم ومسمع.
وقيل: " إنه خطاب للقوم تأييدا للرسل، والمعنى إني آمنت بالله فاسمعوا مني فإني لا أبالي بما يكون منكم على ذلك أو المعنى إني آمنت بالله فاسمعوا مني وآمنوا به أو أنه أراد به أن يغضبهم ويشغلهم عن الرسل بنفسه حيث إنه رآى أنهم بصدد الايقاع بهم. هذا.
وفيه أنه لا يلائمه التعبير عن الله سبحانه بقوله: " ربكم " فإن القوم ما كانوا يتخذونه تعالى ربا لهم وإنما كانوا يعبدون الأرباب من دون الله سبحانه.
ورد بأن المعنى إني آمنت بربكم الذي قامت الحجة على ربوبيته لكم وهو الله سبحانه. وفيه أنه تقييد من غير مقيد.
(٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة فاطر 5
2 (سورة فاطر 1) كلام في الملائكة. (بحث قرآني) 12
3 (15 - 26) كلام في معنى عموم الانذار. (بحث عقلي) 38
4 سورة يس 61
5 سورة الصافات 119
6 (الصافات 1 - 11) كلام في معنى الشهب. (بحث قرآني) 124
7 (114 - 132) كلام في قصة إلياس عليه السلام. (بحث قرآني وروائي) 159
8 1 - قصته في القرآن. (بحث قرآني وروائي) 159
9 2 - الأحاديث فيه. (بحث قرآني وروائي) 159
10 (133 - 148) كلام في قصة يونس عليه السلام في فصول. (بحث مختلط) 165
11 1 - قصته في القرآن. (بحث مختلط) 165
12 2 - قصته عند أهل الكتاب. (بحث مختلط) 167
13 3 - ثناؤه تعالى عليه. (بحث مختلط) 169
14 سورة ص 180
15 (17 - 29) كلام في قصة داود عليه السلام في فصول. (بحث قرآني) 201
16 1 - قصته في القرآن. (بحث قرآني) 201
17 2 - جميل الثناء عليه. (بحث قرآني) 201
18 3 - حول قصة المتخاصمين. (بحث قرآني) 201
19 (41 - 48) كلام في قصة أيوب عليه السلام في فصول. (بحث قرآني وروائي) 212
20 1 - قصته في القرآن. (بحث قرآني وروائي) 212
21 2 - جميل ثنائه. (بحث قرآني وروائي) 212
22 3 - قصته في الروايات. (بحث قرآني وروائي) 212
23 خبر اليسع وذي الكفل عليهما السلام. (بحث روائي) 216
24 سورة الزمر 230
25 (1 - 10) كلام في معنى الرضا والسخط من الله. (بحث عقلي وقرآني) 240
26 سورة المؤمن 301
27 سورة حم السجدة 357
28 (حم السجدة) كلام فيه تتميم في معنى السماء. (بحث قرآني) 369
29 (1 - 11) بحث إجمالي في سراية العلم. (بحث قرآني) 381
30 (13 - 25) بحث إجمالي آخر في ذلك. (بحث فلسفي) 382