تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٧ - الصفحة ٦٧
الذي هو اللوح المحفوظ وإن توهم بعضهم أن المراد بكتابة ما قدموا وآثارهم هو إحصاؤها في الكتاب المبين وذلك أنه تعالى يثبت في كلامه كتابا يحصى كل شئ ثم لكل أمة كتابا يحصي أعمالهم ثم لكل إنسان كتابا يحصي أعماله كما قال:
" ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين " الانعام: 59، وقال: " كل أمة تدعى إلى كتابها " الجاثية: 28، وقال: " وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا " أسرى: 13، وظاهر الآية أيضا يقضي بنوع من البينونة بين كتاب الأعمال والامام المبين حيث فرق بينهما بالخصوص والعموم واختلاف التعبير بالكتابة والاحصاء.
وقوله: " وكل شئ أحصيناه في إمام مبين " هو اللوح المحفوظ من التغيير الذي يشتمل على تفصيل قضائه سبحانه في خلقه فيحصي كل شئ وقد ذكر في كلامه تعالى بأسماء مختلفة كاللوح المحفوظ وأم الكتاب والكتاب المبين والامام المبين كل منها بعناية خاصة.
ولعل العناية في تسميته إماما مبينا أنه لاشتماله على القضاء المحتوم متبوع للخلق مقتدى لهم وكتب الأعمال كما سيأتي في تفسير سورة الجاثية مستنسخة منه قال تعالى:
" هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون " الجاثية: 29.
وقيل: المراد بالامام المبين صحف الأعمال وليس بشئ، وقيل: علمه تعالى وهو كسابقه نعم لو أريد به العلم الفعلي كان له وجه.
ومن عجيب القول في هذا المقام ما ذكره بعضهم أن الذي كتب في اللوح المحفوظ هو ما كان وما يكون إلى يوم القيامة لا حوادث العالم إلى أبد الآبدين وذلك أن اللوح عند المسلمين جسم وكل جسم متناهي الابعاد كما يشهد به الأدلة وبيان كل شئ فيه على الوجه المعروف عندنا دفعة مقتض لكون المتناهي ظرفا لغير المتناهي وهو محال بالبديهة فالوجه تخصيص عموم كل شئ والقول بأن المراد به الحوادث إلى يوم القيامة هذا.
وهو تحكم وسنتعرض له تفصيلا.
والآية في معنى التعليل بالنسبة إلى ما تقدمها كأنه تعالى يقول: ما أخبرنا به ووصفناه من حال أولئك الذين حق عليهم القول وهؤلاء الذين يتبعون الذكر ويخشون
(٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة فاطر 5
2 (سورة فاطر 1) كلام في الملائكة. (بحث قرآني) 12
3 (15 - 26) كلام في معنى عموم الانذار. (بحث عقلي) 38
4 سورة يس 61
5 سورة الصافات 119
6 (الصافات 1 - 11) كلام في معنى الشهب. (بحث قرآني) 124
7 (114 - 132) كلام في قصة إلياس عليه السلام. (بحث قرآني وروائي) 159
8 1 - قصته في القرآن. (بحث قرآني وروائي) 159
9 2 - الأحاديث فيه. (بحث قرآني وروائي) 159
10 (133 - 148) كلام في قصة يونس عليه السلام في فصول. (بحث مختلط) 165
11 1 - قصته في القرآن. (بحث مختلط) 165
12 2 - قصته عند أهل الكتاب. (بحث مختلط) 167
13 3 - ثناؤه تعالى عليه. (بحث مختلط) 169
14 سورة ص 180
15 (17 - 29) كلام في قصة داود عليه السلام في فصول. (بحث قرآني) 201
16 1 - قصته في القرآن. (بحث قرآني) 201
17 2 - جميل الثناء عليه. (بحث قرآني) 201
18 3 - حول قصة المتخاصمين. (بحث قرآني) 201
19 (41 - 48) كلام في قصة أيوب عليه السلام في فصول. (بحث قرآني وروائي) 212
20 1 - قصته في القرآن. (بحث قرآني وروائي) 212
21 2 - جميل ثنائه. (بحث قرآني وروائي) 212
22 3 - قصته في الروايات. (بحث قرآني وروائي) 212
23 خبر اليسع وذي الكفل عليهما السلام. (بحث روائي) 216
24 سورة الزمر 230
25 (1 - 10) كلام في معنى الرضا والسخط من الله. (بحث عقلي وقرآني) 240
26 سورة المؤمن 301
27 سورة حم السجدة 357
28 (حم السجدة) كلام فيه تتميم في معنى السماء. (بحث قرآني) 369
29 (1 - 11) بحث إجمالي في سراية العلم. (بحث قرآني) 381
30 (13 - 25) بحث إجمالي آخر في ذلك. (بحث فلسفي) 382