الشيخ: إن لي ابنا مريضا صاحب فراش منذ سنين قالا: فانطلق بنا إلى منزلك نتطلع حاله فذهب بهما فمسحا ابنه فقام في الوقت بإذن الله تعالى صحيحا ففشى الخبر في المدينة وشفى الله على أيديهما كثيرا من المرضى.
وكان لهم ملك يعبد الأصنام فأنهى الخبر إليه فدعاهما فقال لهما: من أنتما؟
قالا: رسولا عيسى جئنا ندعوك من عبادة ما لا يسمع ولا يبصر إلى عبادة من يسمع ويبصر. قال الملك: ولنا إله سوى آلهتنا؟ قالا: نعم من أوجدك وآلهتك. قال:
قوما حتى أنظر في أمركما فأخذهما الناس في السوق وضربوهما.
قال وهب بن منبه: بعث عيسى هذين الرسولين إلى أنطاكية فأتياها ولم يصلا إلى ملكها وطالت مدة مقامهما فخرج الملك ذات يوم فكبرا و ذكرا الله فغضب الملك وأمر بحبسهما وجلد كل واحد منهما مائة جلدة.
فلما كذب الرسولان وضربا، بعث عيسى شمعون الصفا رأس الحواريين على أمرهما لينصرهما فدخل شمعون البلد متنكرا فجعل يعاشر حاشية الملك حتى أنسوا به فرفعوا خبره إلى الملك فدعاه ورضى عشرته وأنس به وأكرمه. ثم قال له ذات يوم: أيها الملك بلغني أنك حبست رجلين في السجن وضربتهما حين دعواك إلى غير دينك فهل سمعت قولهما؟ قال الملك: حال الغضب بيني وبين ذلك. قال: فإن رأى الملك دعاهما حتى نتطلع ما عندهما.
فدعاهما الملك فقال لهما شمعون: من أرسلكما إلى ههنا؟ قالا: الله الذي خلق كل شئ لا شريك له. قال: وما آتاكما؟ قالا: ما تتمناه، فأمر الملك حتى جاؤوا بغلام مطموس العينين وموضع عينيه كالجبهة فما زالا يدعوان الله حتى انشق موضع البصر فأخذا بندقتين من الطين فوضعا في حدقتيه فصارتا مقلتين يبصر بهما فتعجب الملك ثم قال شمعون للملك: أرأيت لو سألت إلهك حتى يصنع صنيعا مثل هذا؟ فيكون لك ولإلهك شرفا. فقال الملك: ليس لي عنك سر إن إلهنا الذي نعبده لا يضر ولا ينفع.
ثم قال الملك للرسولين: إن قدر إلهكما على إحياء ميت آمنا به وبكما. قالا:
إلهنا قادر على كل شئ، فقال الملك: إن ههنا ميتا مات منذ سبعة أيام لم ندفنه حتى يرجع أبوه وكان غائبا فجاؤوا بالميت وقد تغير وأروح فجعلا يدعوان ربهما علانية وجعل