وتباعدوا للاستكبار في الأرض وقوله: " ومكر السيئ " معطوف على " استكبارا " ومفعول لأجله مثله، وقيل: معطوف على " نفورا " والإضافة فيه من إضافة الموصوف إلى الصفة بدليل قوله ثانيا: " ولا يحيق المكر السيئ " الخ.
وقوله: " ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله " أي لا يصيب ولا ينزل المكر السيئ إلا بأهله ولا يستقر إلا فيه، فان المكر السيئ وإن كان ربما أصاب به مكروه للممكور به، لكنه سيزول ولا يدوم إلا أن أثره السيئ بما أنه المكر سيئ يبقى في نفس الماكر وسيظهر فيه ويجزى به إما في الدنيا وإما في الآخرة البتة، ولهذا فسر الآية في مجمع البيان بقوله: والمعنى لا ينزل جزاء المكر السيئ إلا بمن فعله.
والكلام مرسل إرسال المثل كقوله تعالى: " إنما بغيكم على أنفسكم " يونس: 23 " فمن نكث فإنما ينكث على نفسه " الفتح: 10.
وقوله: " فهل ينظرون إلا سنة الأولين " النظر والانتظار بمعنى التوقع والفاء للتفريع والجملة استنتاج مما تقدمها و الاستفهام للانكار والمعنى وإذ مكروا المكر السيئ والمكر السيئ يحيق بأهله فهم لا ينتظرون إلا السنة الجارية في الأمم الماضين وهي العذاب الإلهي النازل بهم إثر مكرهم وتكذيبهم بآيات الله.
وقوله: " فلن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا " تبديل السنة أن توضع العافية والنعمة موضع العذاب، وتحويلها أن ينقل العذاب من قوم يستحقونه إلى غيرهم، وسنة الله لا تقبل تبديلا ولا تحويلا لأنه تعالى على صراط مستقيم لا يقبل حكمه تبعيضا ولا استثناء.
وقد أخذ الله بالعذاب هؤلاء المشركين الماكرين يوم بدر فقتل عامتهم. والخطاب للنبي صلى الله عليه وآله وسلم أو لكل سامع.
قوله تعالى: " أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم وكانوا أشد منهم قوة " استشهاد على سنته الجارية في الأمم الماضية وقد كانوا أشد قوة من مشركي مكة فأخذهم الله بالعذاب لما مكروا وكذبوا.
قوله تعالى: " وما كان الله ليعجزه من شئ في السماوات والأرض إنه كان عليما