وانتفائها عن شركائهم: تقريره أن الذي جعل الخلافة الأرضية في العالم الانساني هو ربهم المدبر لأمرهم، وجعل الخلافة لا ينفك عن نوع الخلقة فخالق الانسان هو رب الانسان لكن الخالق هو الله سبحانه حتى عند الخصم فالله هو رب الانسان.
وقوله: " فمن كفر فعليه كفره " أي فالله سبحانه هو رب الانسان فمن كفر وستر هذه الحقيقة ونسب الربوبية إلى غيره تعالى فعلى ضرره كفره.
وقوله: " ولا يزيد الكافرين كفرهم عند ربهم إلا مقتا ولا يزيد الكافرين كفرهم إلا خسارا " بيان لكون كفرهم عليهم وهو أن كفرهم يورث لهم مقتا عند ربهم والمقت شدة البغض لان فيه إعراضا عن عبوديته واستهانة بساحته، ويورث لهم خسارا في أنفسهم لأنهم بدلوا السعادة الانسانية شقاء ووبالا سيصيبهم في مسيرهم ومنقلبهم إلى دار الجزاء.
وإنما عبر عن أثر الكفر بالزيادة لان الفطرة الانسانية بسيطة ساذجة واقعة في معرض الاستكمال والازدياد فإن أسلم الانسان زاده ذلك كمالا وقربا من الله وإن كفر زاده ذلك مقتا عند الله وخسارا.
وإنما قيد المقت بقوله: " عند ربهم " دون الخسار لان الخسار من تبعات تبديل الايمان كفرا والسعادة شقاء وهو أمر عند أنفسهم وأما المقت وشدة البغض فمن عند الله سبحانه.
والحب والبغض المنسوبان إلى الله سبحانه من صفات الافعال وهي معان خارجة عن الذات غير قائمة بها، ومعنى حبه تعالى لاحد انبساط رحمته عليه وانجذابها إليه وبغضه تعالى لاحد انقباض رحمته منه وابتعادها عنه.
قوله تعالى: " قل أرأيتم شركاءكم الذين تدعون من دون الله " إلى آخر الآية إضافة الشركاء إليهم بعناية أنهم يدعون أنهم شركاء لله فهي إضافة لامية مجازية.
وفي الآية تلقين النبي صلى الله عليه وآله وسلم الحجة على نفي ربوبية آلهتهم الذين كانوا يعبدونهم وتقرير الحجة أنهم لو كانوا أربابا آلهة من دون الله لكان لهم شئ من تدبير العالم فكانوا خالقين لما يدبرونه لان الخلق والتدبير لا ينفك أحدهما عن الاخر ولو كانوا خالقين لدل