واختلف في " فمنهم " فقيل: مرجع الضمير " الذين " وقيل: " عبادنا " واختلف في الظالم لنفسه والمقتصد والسابق فقيل: الظالم من كان ظاهره خيرا من باطنه و المقتصد من استوى ظاهره وباطنه والسابق من كان باطنه خيرا من ظاهره، وقيل: السابق هم السابقون الماضون في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم من أصحابه والمقتصد من تبع أثرهم ولحق بهم من الصحابة والظالم لنفسه غيرهم، وقيل: الظالم من غلبت عليه السيئة والمقتصد المتوسط حالا والسابق هو المقرب إلى الله السابق في الدرجات.
وهناك أقوال متفرقة أخر تركنا إيرادها ولو ضربت الاحتمالات بعضها في بعض جاوز الألف.
قوله تعالى: " جنات عدن يدخلونها يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤ ولباسهم فيها حرير " التحلية هي التزيين والأساور جمع أسورة وهي جمع سوار بكسر السين قال الراغب: سوار المرأة معرب وأصله دستواره. انتهى.
وقوله: " جنات عدن " الخ. ظاهره أنه بيان للفضل الكبير قال في المجمع: هذا تفسير للفضل كأنه قيل: ما ذلك الفضل؟ فقال: هي جنات أي جزاء جنات أو دخول جنات ويجوز أن يكون بدلا من الفضل كأنه قال: ذلك دخول جنات. انتهى.
والباقي ظاهر.
قوله تعالى: " وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور " قيل: المراد بالحزن الذي يحمدون الله على إذهابه بإدخالهم الجنة الحزن الذي كان يتوجه إليهم في الحياة الدنيا وما يحف بها من الشدائد والنوائب.
وقيل: المراد به الحزن الذي كان قد أحاط بهم بعد الارتحال من الدنيا، وقيل الدخول في جنة الآخرة إشفاقا مما اكتسبوه من السيئات.
وعلى هذا فالقول قول الظالم لنفسه منهم أو قوله وقول المقتصد وأما السابق بالخيرات منهم فلا سيئة في صحيفة أعماله حتى يعذب بها. وهذا الوجه أنسب لقولهم في آخر حمدهم: " إن ربنا لغفور شكور ".
قوله تعالى: " الذي أحلنا دار المقامة من فضله لا يمسنا فيها نصب ولا يمسنا فيها لغوب " المقامة الإقامة، ودار المقامة المنزل الذي لا خروج منه ولا تحول.