وقد بان بما تقدم أن قوله: " فإن الله كان بعباده بصيرا " من وضع السبب موضع المسبب الذي هو الجزاء.
والآية أعني قوله تعالى: " ولو يؤاخذ الله الناس " الخ. واقعة موقع الجواب عن سؤال مقدر ناش عن الآية السابقة فإنه تعالى لما أنذر أهل والمكر والتكذيب من المشركين بالمؤاخذة واستشهد بما جرى في الأمم السابقة وذكر أنه لا يعجزه شئ في السماوات والأرض كأنه قيل: فإذا لم يعجزه شئ في السماوات والأرض فكيف يترك سائر الناس على ما هم عليه من المعاصي؟ وماذا يمنعه أن يؤاخذهم بما كسبوا؟ فأجاب أنه لو يؤاخذ جميع الناس بما كسبوا من المعاصي كما يؤاخذ هؤلاء الماكرين المكذبين ما ترك على ظهر الأرض أحدا منهم يدب ويتحرك، وقد قضى سبحانه أن يعيشوا في الأرض ويعمروها إذ قال:
" ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين " البقرة: 36 فلا يؤاخذهم ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى وهو الموت أو البعث فإذا جاء أجلهم عاملهم بما عملوا إنه كان بعباده بصيرا.
(بحث روائي) في الدر المنثور أخرج ابن أبي حاتم من طريق سفيان عن أبي زكريا الكوفي عن رجل حدثه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إياكم والمكر السيئ فإنه لا يحيق المكر السيئ إلا بأهله ولهم من الله طالب.
وفي تفسير القمي حدثني أبي عن النوفلي عن السكوني عن جعفر عن أبيه عليهما السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: سبق العلم، وجف القلم، ومضى القضاء وتم القدر بتحقيق الكتاب، وتصديق الرسل، وبالسعادة من الله لمن آمن واتقى وبالشقاء لمن كذب وكفر، وبالولاية من الله عز وجل للمؤمنين، وبالبراءة منه للمشركين.
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن الله عز وجل يقول: يا بن آدم بمشيتي كنت أنت الذي تشاء لنفسك ما تشاء، وبإرادتي كنت أنت الذي تريد لنفسك ما تريد، وبفضل نعمتي عليك قويت على معصيتي، وبقوتي وعصمتي وعافيتي أديت إلي فرائضي وأنا أولى بحسناتك منك وأنت أولى بذنبك مني، الخير مني إليك واصل بما أو ليتك به، والشر منك إليك بما جنيت جزاء،