عليه دليل والدليل إما من العالم أو من قبل الله سبحانه أما العالم فلا شئ منه يدل على كونه مخلوقا لهم ولو بنحو الشركة وهو قوله: " أروني ماذا خلقوا من الأرض أم لهم شرك في السماوات ".
وأما من قبله تعالى فلو كان لكان كتابا سماويا نازلا من عنده سبحانه يعترف بربوبيتهم ويجوز للناس أن يعبدوهم ويتخذوهم آلهة، ولم ينزل كتاب على هذه الصفة وهم معترفون بذلك وهو قوله: " أم آتيناهم كتابا فهم على بينة منه ".
وإنما عبر عن نفي خالقيتهم في الأرض بقوله: " أروني ماذا خلقوا من الأرض " ولم يقل: أنبئوني ألهم شرك في الأرض؟ وعبر في السماوات بقوله: " أم لهم شرك في السماوات " ولم يقل: أم ماذا خلقوا من السماوات.
لان المراد بالأرض - على ما يدل عليه سياق الاحتجاج - العالم الأرضي وهو الأرض بما فيها وما عليها والمراد بالسماوات العالم السماوي المشتمل على السماوات وما فيها وما عليها فقوله: " ماذا خلقوا من الأرض " في معنى ألهم شرك في الأرض ولا يكون إلا بخلق شئ منها، وقوله: " أم لهم شرك في السماوات " في معنى أم ماذا خلقوا من السماوات، وقد اكتفي بذكر الخلق في جانب الأرض إشارة إلى أن الشرك في الربوبية لا يكون إلا بخلق.
وقوله: " أم آتيناهم كتابا فهم على بينة منه " أي بل آتيناهم كتابا فهم على بينة منه أي على حجة ظاهرة من الكتاب أن لشركائهم شركة معنا وذلك بدلالته على أنهم شركاء لله.
وقد قال: " أم آتيناهم كتابا " ولم يقل: أم لهم كتاب ونحو ذلك ليتأكد النفي والانكار فإن قولنا: أم لهم كتاب ونحو ذلك إنكار لوجود الكتاب لكن قوله: " أم آتيناهم كتابا " إنكار لوجود الكتاب ممن ينزل الكتاب لو نزل.
وقد تبين بما تقدم أن ضمير الجمع في " آتيناهم " وفي " فهم على بينة " للمشركين فلا يعبأ بما قيل: إن الضميرين للشركاء.
وقوله: " بل إن يعد الظالمون بعضهم بعضا إلا غرورا " إضراب عما تقدم من الاحتجاج بأن الذي حملهم على الشرك ليس هو حجة تحملهم عليه ويعتمدون عليها بل