قوله تعالى: " ليوفيهم أجورهم و يزيدهم من فضله إنه غفور شكور " متعلق بقوله: " يتلون " وما عطف عليه في الآية السابقة أي أنهم عملوا ما عملوا لان يوفيهم ويؤتيهم إيتاء تاما كاملا أجورهم وثوابات أعمالهم.
وقوله: " ويزيدهم من فضله " يمكن أن يراد بهذه الزيادة تضعيف الثواب أضعافا كما في قوله: " من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها " الانعام: 160 وقوله: " مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء " البقرة: 261، ويمكن أن يراد بها زيادة ليست من سنخ ثواب الأعمال كما في قوله: " لهم ما يشاؤن فيها ولدينا مزيد " ق: 35.
وقوله: " إنه غفور شكور " تعليل لمضمون الآية وزيادة فهو تعالى لكونه غفورا يغفر زلاتهم ولكونه شكورا يثيبهم ويزيد من فضله.
قوله تعالى: " والذي أوحينا إليك من الكتاب هو الحق " ضمير الفصل واللام في قوله: " هو الحق " للتأكيد لا للقصر أي هو حق لا يشوبه باطل.
قوله تعالى: " ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا " إلى آخر الآية.
يقال: أورثه مالا كذا أي تركه فيهم يقومون بأمره بعده وقد كان هو القائم بأمره المتصرف فيه، وكذا إيراث العلم والجاه ونحوهما تركه عند الغير يقوم بأمره بعد ما كان عند غيره ينتفع به فايراث القوم الكتاب تركه عندهم يتناولونه خلفا عن سلف وينتفعون به.
وتصح هذه النسبة وإن كان القائم به بعض القوم دون كلهم، قال تعالى: " ولقد آتينا موسى الهدى وأورثنا بني إسرائيل الكتاب هدى وذكرى لأولي الألباب " المؤمن: 54، وقال " إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم (؟) بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون والأحبار بما استحفظوا من كتاب الله " المائدة: 44، وقال:
" وإن الذين أورثوا الكتاب من بعدهم لفي شك منه مريب " الشورى: 14. فبنو إسرائيل أورثوا الكتاب وإن كان المؤدون حقه القائمون بأمره بعضهم لا جميعهم.
والمراد بالكتاب في الآية على ما يعطيه السياق هو القرآن الكريم كيف؟ وقوله في الآية السابقة: " والذي أوحينا إليك من الكتاب " نص فيه، فاللام في الكتاب