للعهد دون الجنس فلا يعبأ بقول من يقول: إن اللام للجنس والمراد بالكتاب مطلق الكتاب السماوي المنزل على الأنبياء.
والاصطفاء أخذ صفوة الشئ ويقرب من معنى الاختيار والفرق أن الاختيار أخذ الشئ من بين الأشياء بما أنه خيرها والاصطفاء أخذه من بينها بما أنه صفوتها وخالصها.
وقوله: " من عبادنا " يحتمل أن يكون " من " للتبيين أو للابتداء أو للتبعيض الأقرب إلى الذهن أن يكون بيانية وقد قال تعالى: " وسلام على عباده الذين اصطفى " النمل: 59.
واختلفوا في هؤلاء المصطفين من عباده من هم؟ فقيل: هم الأنبياء، وقيل: هم بنو إسرائيل الداخلون في قوله: " إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين " آل عمران: 33، وقيل: هم أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم فقد أورثوا القرآن من نبيهم إليه يرجعون وبه ينتفعون علماؤهم بلا واسطة وغيرهم بواسطتهم، وقيل: هم العلماء من الأمة المحمدية.
وقيل: - وهو المأثور عن الصادقين عليهما السلام في روايات كثيرة مستفيضة - أن المراد بهم ذرية النبي صلى الله عليه وآله وسلم من أولاد فاطمة عليها السلام وهم الداخلون في آل إبراهيم في قوله: " إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم " آل عمران: 33، وقد نص النبي صلى الله عليه وآله على علمهم بالقرآن وإصابة نظرهم فيه وملازمتهم إياه بقوله في الحديث المتواتر المتفق عليه: " إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ".
وعلى هذا فالمعنى بعد ما أوحينا إليك القرآن - ثم للتراخي الرتبي - أورثنا ذريتك إياه وهم الذين اصطفينا من عبادنا إذا اصطفينا آل إبراهيم وإضافة العباد إلى نون العظمة للتشريف.
وقوله: " فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات " يحتمل أن يكون ضمير " منهم " راجعا إلى " الذين اصطفينا " فيكون الطوائف الثلاث الظالم لنفسه والمقتصد والسابق بالخيرات شركاء في الوراثة وإن كان الوارث الحقيقي العالم بالكتاب والحافظ له هو السابق بالخيرات.