ظهور الحق ولا حجة ولا سلطان عندهم حتى يريدوا إظهارها بل الذي في صدورهم وهو الداعي لهم إلى الجدال، الكبر، يريدون به إدحاض الحق الصريح.
وقوله: " ما هم ببالغيه " الضمير لكبر باعتبار مسببه فإن الكبر سبب للجدال والجدال يراد به إبطال الحق ومحق الدعوة الحقة، والمعنى ما هم ببالغي مرادهم وبغيتهم من الجدال الذي يأتون به لكبرهم.
وقوله: " فاستعذ بالله " أي فاستعذ بالله منهم بما لهم من الكبر كما استعاذ موسى من كل متكبر مجادل كما قال: " وقال موسى إني عذت بربي وربكم من كل متكبر لا يؤمن بيوم الحساب ".
وقوله: " إنه هو السميع البصير " أي السميع لدعاء عباده البصير بحوائجهم والذي يبصر ما هم فيه من شدة أو رخاء.
قوله تعالى: " لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس ولكن أكثر الناس لا يعلمون " اللام للقسم، والمراد بالسماوات والأرض مجموع العالم، ومعنى الآية حسب ما يعطيه المقام أنهم ليسوا ببالغي بغيتهم وليسوا بمعجزين فإن الله الذي قدر على خلق مجموع العالم ولم يعجزه ذلك على ما فيه من العظمة ليس يعجزه جزء يسير منه وهو الناس المخلوقون الذين هم أهون عليه ولكن أكثر الناس جاهلون يظنون بجهلهم أنهم يعجزون الله بجدال يجادلونه أو أي كيد يكيدونه.
قوله تعالى: " وما يستوي الأعمى والبصير " الخ لما ذكر أن أكثر الناس لا يعلمون أكده بأنهم ليسوا على وتيرة واحدة فإن منهم الأعمى والبصير ولا يستويان وعطف عليهما الذين آمنوا وعملوا الصالحات والمسيئ فالطائفة الأولى أولو بصيرة يتذكرون بها والثانية أعمى الله قلوبهم فلا يتذكرون.
وقوله: " قليلا ما تتذكرون " خطاب للناس بداعي التوبيخ وهو الوجه في الالتفات من الغيبة إلى الحضور.
قوله تعالى: " إن الساعة لآتية لا ريب فيها ولكن أكثر الناس لا يؤمنون " ذكرهم تعالى في هذه الآية بإتيان الساعة وفي الآية التالية بدعوة ربهم إياهم إلى دعائه