(بيان) غرض السورة ما ينبئ عنه مفتتحها " سورة أنزلناها وفرضناها وأنزلنا فيها آيات بينات لعلكم تذكرون " فهي تذكرة نبذة من الاحكام المفروضة المشرعة ثم جملة من المعارف الإلهية تناسبها ويتذكر بها المؤمنون.
وهي سورة مدنية بلا خلاف وسياق آياتها يشهد بذلك ومن غرر الآيات فيها آية النور.
قوله تعالى: " سورة أنزلناها وفرضناها وأنزلنا فيها آيات بينات لعلكم تذكرون " السورة طائفة من الكلام يجمعها غرض واحد سيقت لأجله ولذا اعتبرت تارة نفس الآيات بما لها من المعاني فقيل: " فرضناها "، وتارة ظرفا لبعض الآيات ظرفية المجموع للبعض فقيل أنزلنا فيها آيات بينات " وهي مما وضعه القرآن وسمي به طائفة خاصة من آياته وتكرر استعمالها في كلامه تعالى، وكأنه مأخوذ من سور البلد وهو الحائط الذي يحيط به سميت به سورة القرآن لاحاطتها بما فيها من الآيات أو بالغرض الذي سيقت له.
وقال الراغب: الفرض قطع الشئ الصلب والتأثير فيه كفرض الحديد وفرض الزند والقوس. قال: والفرض كالايجاب لكن الايجاب يقال اعتبارا بوقوعه وثباته، والفرض بقطع الحكم فيه، قال تعالى: " سورة أنزلناها وفرضناها " أي أوجبنا العمل بها عليك. قال: وكل موضع ورد " فرض الله عليه " ففي الايجاب الذي أدخله الله فيه، وما ورد " فرض الله له " فهو في أن لا يحظره على نفسه نحو " ما كان على النبي من حرج فيما فرض الله له ". انتهى.
فقوله: " سورة أنزلناها وفرضناها " أي هذه سورة أنزلناها وأوجبنا العمل بما فيها من الاحكام فالعمل بالحكم الايجابي هو الاتيان به وبالحكم التحريمي الانتهاء عنه.
وقوله: " وأنزلنا فيها آيات بينات لعلكم تذكرون " المراد بها - بشهادة السياق - آية النور وما يتلوها من الآيات المبينة لحقيقة الايمان والكفر والتوحيد والشرك المذكر لهذه المعارف الإلهية.
قوله تعالى: " الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة الآية، الزنا