تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٥ - الصفحة ٢٩٦
قوله تعالى: " إني لكم رسول أمين " أي رسول من الله سبحانه أمين على ما حملته من الرسالة لا أبلغكم إلا ما أمرني ربي وأراده منكم، ولذا فرع عليه قوله:
" فاتقوا الله وأطيعون " فأمرهم بطاعته لان طاعته طاعة الله.
قوله تعالى: " وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين " مسوق لنفي الطمع الدنيوي بنفي سؤال الاجر فيثبت بذلك أنه ناصح لهم فيما يدعوهم إليه لا يخونهم ولا يغشهم فعليهم أن يطيعوه فيما يأمرهم، ولذا فرع عليه ثانيا قوله: " فاتقوا الله وأطيعون ".
والعدول في قوله: " إن أجري إلا على رب العالمين " عن اسم الجلالة إلى " رب العالمين " للدلالة على صريح التوحيد فإنهم كانوا يرون انه تعالى إله عالم الالهة وكانوا يرون لكل عالم إلها آخر يعبدونه من دون الله فإثباته تعالى رب العالمين جميعا تصريح بتوحيد لعبادة ونفي الآلهة من دون الله مطلقا.
قوله تعالى: " فاتقوا الله وأطيعون " قد تقدم وجه تكرار الآية فهو يفيد أن كلا من الأمانة وعدم سؤال الاجر سبب مستقل إيجاب طاعته عليهم.
قوله تعالى: " قالوا أنؤمن لك واتبعك الأرذلون " الأرذلون جمع أرذل على الصحة وهو اسم تفضيل من الرذالة والرذالة الخسة والدناءة، ومرادهم بكون متبعيه أراذل انهم ذوو أعمال رذيلة ومشاغل خسيسة ولذا أجاب عليه السلام عنه بمثل قوله:
" وما علمي بما كانوا يعملون ".
. والظاهر أنهم كانوا يرون الشرف والكرامة في الأموال والجموع من البنين والاتباع كما يستفاد من دعاء نوح عليه السلام إذ يقول: " رب إنهم عصوني واتبعوا من لم يزده ماله وولده إلا خسارا "، نوح: 21. فمرادهم بالأرذلين من يعدهم الاشراف والمترفون سفلة تجنبون معاشرتهم من العبيد والفقراء وأرباب الحرف الدنية.
قوله تعالى: " قال وما علمي بما كانوا يعملون " الضمير لنوح عليه السلام، و " ما " استفهامية وقيل: نافية وعليه فالخبر محذوف لدلالة السياق عليه، والمراد على اي حال نفي علمه بأعمالهم قبل إيمانهم به لمكان قوله: " كانوا يعملون ".
قوله تعالى: " إن حسابهم إلا على ربي لو تشعرون " المراد بقوله: " ربي " رب
(٢٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 291 292 293 294 295 296 297 298 299 300 301 ... » »»
الفهرست