منكم نذقه عذابا كبيرا - 19. وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا إنهم ليأكلون الطعام ويمشون في الأسواق وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون وكان ربك بصيرا - 20.
(بيان) تحكي الآيات عن المشركين ما طعنوا به في القرآن الكريم في النبي ص وتجيب عنه.
قوله تعالى: " قال الذين كفروا إن هذا إلا إفك افتراه وأعانه عليه قوم آخرون " الخ في التعبير بمثل قوله: " وقال الذين كفروا " من غير أن يقال: وقالوا، مع تقدم ذكر الكفار في قوله: " واتخذوا من دونه آلهة " تلويح إلى أن القائلين بهذا القول هم كفار العرب دون مطلق المشركين.
والمشار إليه بقولهم: " إن هذا " القرآن الكريم، وإنما اكتفوا بالإشارة دون أن يذكروه باسمه أو بشئ من أوصافه إزراء به وحطا لقدره.
والإفك هو الكلام المصروف عن وجهه، ومرادهم بكونه إفكا افتراء كونه كذبا اختلقه النبي ص ونسبه إلى الله سبحانه.
والسياق لا يخلو من إيماء إلى أن المراد بالقوم الآخرين بعض أهل الكتاب وقد ورد في بعض الآثار أن القوم الآخرين هم عداس مولى حو يطب بن عبد العزى ويسار مولى العلاء بن الحضرمي وجبر مولى عامر كانوا من أهل الكتاب يقرؤن التوراة أسلموا وكان النبي ص يتعهدهم فقيل ما قيل.
وقوله: " فقد جاؤوا ظلما وزورا " قال في مجمع البيان: إن جاء وأتى ربما كانا بمعنى فعل فيتعديان مثله فمعنى الآية فقد فعلوا ظلما وكذبا، وقيل: إن ظلما منصوب بنزع الخافض والتقدير فقد جاؤوا بظلم، وقيل: حال والتقدير فقد جاؤوا ظالمين وهو سخيف.