الميم وفتحها قيام شئ بشئ بحيث يتصرف فيه كيف شاء سواء كان قيام رقبته به كقيام رقبة المال بمالكه بحيث كان له أنواع التصرف فيه أو قيامه به باستيلائه عليه بالتصرف بالامر والنهي وأنواع الحكم كاستيلاء الملك على الناس من رعيته وما في أيديهم، ويطلق على القسم الثاني الملك بضم الميم.
فالملك بكسر الميم أعم من الملك بضمها كما قال الراغب الملك - بفتح الميم وكسر اللام - هو المتصرف بالامر والنهي في الجمهور، وذلك يختص بسياسة الناطقين، ولهذا يقال: ملك الناس ولا يقال: ملك الأشياء - إلى أن قال - فالملك بالضم - ضبط الشئ المتصرف فيه بالحكم، والملك - بالكسر - كالجنس للملك فكل ملك - بالضم - ملك بالكسر - وليس كل ملك - بالكسر - ملكا - بالضم - انتهى.
وربما يحض الملك بالكسر بما يتعلق بالرقبة، والملك بالضم بغيره.
فقوله تعالى: " الذي له ملك السماوات والأرض " واللام للاختصاص - يفيد أن السماوات والأرض مملوكة له غير مستقلة بنفسها في جهة جهاتها ولا مستغنية عن التصرف فيها بالحكم وأن الحكم فيها وإدارة رحاها يختص به تعالى فهو المليك المتصرف بالحكم فيها على الاطلاق.
وبذلك يظهر ترتب قوله: " ولم يتخذ ولدا " على ما تقدمه فإن الملك على الاطلاق لا يدع حاجة إلى اتخاذ الولد إذ اتخاذ الولد لاحد أمرين إما لكون الشخص لا يقوى على إدارة رحى جميع أموره ولا يملك تدبيرها جميعا فيتخذ الولد ليستعين به على بعض حوائجه والله سبحانه يملك كل شئ ويقوى على ما أراد، وإما لكون الشخص محدود البقاء لا يملك ما يملك إلا في أمد محدود فيتخذ الولد ليخلفه فيقوم على أموره بعده والله سبحانه يملك كل شئ سرمدا ولا يعتريه فناء وزوال فلا حاجة له إلى اتخاذ الولد البتة وفيه رد على المشركين والنصارى.
وكذا قوله تعالى بعده: " ولم يكن له شريك في الملك " فإن الحاجة إلى الشريك إنما هي فيما إذا لم يستوعب الملك الأمور كلها وملكه تعالى عام لجميع الأشياء محيط بجميع جهاتها لا يشذ منه شاذ، وفيه رد على المشركين.