تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٥ - الصفحة ١٢٩
نوره وهو نور الايمان والمعرفة الذي يستضاء به يوم القيامة ويبصر به.
وثانيا: أن المراد بالقلوب والابصار النفوس وبصائرها.
وثالثا: أن توصيف اليوم بقوله: " تتقلب فيه القلوب والابصار " لبيان سبب الخوف فهم إنما يخافون اليوم لما فيه من تقلب القلوب والابصار، وإنما يخافون هذا التقلب لما في أحد شقيه من الحرمان من نور الله والنظر إلى كرامته وهو الشقاء الدائم والعذاب الخالد وفي الحقيقة يخافون أنفسهم.
قوله تعالى: " ليجزيهم الله أحسن ما عملوا ويزيدهم من فضله والله يرزق من يشاء بغير حساب " الظاهر أن لام " ليجزيهم " للغاية، والذي ذكره الله في خلال الكلام هو أعمالهم الصالحة والاجر الجميل على كل صالح مما ينص عليه كلامه تعالى فقوله:
إنه يجزيهم أحسن ما عملوا معناه أنه يجزيهم بإزاء عملهم في كل باب جزاء أحسن عمل في ذلك الباب، ومرجع ذلك إلى أنه تعالى يزكى أعمالهم فلا يناقش فيها بالمؤاخذة في جهات توجب نقصها وانحطاط قدرها فيعد الحسن منها أحسن.
ويؤيد هذا المعنى قوله في ذيل الآية: " والله يرزق من يشاء بغير حساب " فإن ظاهره عدم المداقة في حساب الحسنات بالاغماض عن جهات نقصها فيلحق الحسن بالأحسن.
وقوله: " ويزيدهم من فضله الفضل " العطاء، وهذا نص في إنه تعالى يعطيهم من فضله ما ليس بإزاء أعمالهم الصالحة، وأوضح منه قوله تعالى في موضع آخر: " لهم ما يشاؤن فيها ولدينا مزيد " ق: 35، حيث إن ظاهره أن هذا المزيد الموعود أمر وراء ما تتعلق به مشيتهم.
وقد دل كلامه سبحانه أن أجرهم أن لهم ما يشاؤن قال تعالى: " أولئك هم المتقون لهم ما يشاؤن عند ربهم ذلك جزاء المحسنين " الزمر: 34، وقال: " أم جنة الخلد التي وعد المتقون كانت لهم جزاء ومصيرا لهم فيها ما يشاؤن خالدين " الفرقان:
16، وقال: " لهم فيها ما يشاؤن كذلك يجزى الله المتقين " النحل: 31.
(١٢٩)
مفاتيح البحث: يوم القيامة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 ... » »»
الفهرست