تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٤ - الصفحة ٤٠٣
وقوله: " وإن الله لهو الغني الحميد " يفيد عدم حاجته إلى شئ من تصرفاته بما هو غني على الاطلاق وهي مع ذلك جميلة نافعة يحمد عليها بما هو حميد على الاطلاق فمفاد الاسمين معا أنه تعالى لا يفعل إلا ما هو نافع لكن لا يعود نفعه إليه بل إلى الخلق أنفسهم.
قوله تعالى: " ألم تر أن الله سخر لكم ما في الأرض " الخ، استشهاد آخر على عموم القدرة والمقابلة بين تسخير ما في الأرض وتسخير الفلك في البحر يؤيد أن المراد بالأرض البر مقابل البحر، وعلى هذا فتعقيب الجملتين بقوله: " ويمسك السماء " الخ، يعطى أن محصل المراد أن الله سخر لكم ما في السماء والأرض برها وبحرها.
والمراد بالسماء جهة العلو وما فيها فالله يمسكها أن تقع على الأرض إلا بإذنه مما يسقط من الاحجار السماوية والصواعق ونحوها.
وقد ختم الآية بصفتي الرأفة والرحمة تتميما للنعمة وامتنانا على الناس.
قوله تعالى: " وهو الذي أحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم إن الانسان لكفور " سياق الماضي في " أحياكم " يدل على أن المراد به الحياة الدنيا وأهمية المعاد بالذكر تستدعي أن يكون المراد من قوله: " ثم يحييكم " الحياة الآخرة يوم البعث دون الحياة البرزخية.
وهذه الحياة ثم الموت ثم الحياة من النعم الإلهية العظمى ختم بها الامتنان ولذا عقبها بقوله: " إن الانسان لكفور " (بحث روائي) في جامع الجوامع في قوله: " والذين هاجروا - إلى قوله - لعليم حليم " روي أنهم قالوا: يا رسول الله هؤلاء الذين قتلوا قد علمنا ما أعطاهم الله من الخير ونحن نجاهد معك كما جاهدوا فما لنا إن متنا معك؟ فأنزل الله هاتين الآيتين.
وفي المجمع في قوله تعالى: " ومن عاقب بمثل ما عوقب به " الآية روي أن الآية نزلت في قوم من مشركي مكة لقوا قوما من المسلمين لليلتين بقيتا من المحرم فقالوا: إن أصحاب محمد لا يقاتلون في هذا الشهر فحملوا عليهم - فناشدهم المسلمون أن لا يقاتلوهم في الشهر الحرام فأبوا فأظفر الله المسلمين بهم.
(٤٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 398 399 400 401 402 403 404 405 406 407 408 ... » »»
الفهرست