تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٤ - الصفحة ٣٧١
ويبعده أن في الكلام عناية خاصة بذكر اسمه تعالى بالخصوص والعناية في الكناية متعلقة بالمكني عنه دون نفس الكناية، ويظهر من بعضهم أن المراد مطلق ذكر اسم الله في أيام الحج وهو كما ترى.
وقوله: " فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير " البائس من البؤس وهو شدة الضر والحاجة والذي اشتمل عليه الكلام حكم ترخيصي إلزامي.
قوله تعالى: " ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق " التفث شعث البدن، وقضاء التفث إزالة ما طرأ بالاحرام من الشعث بتقليم الأظفار وأخذ الشعر ونحو ذلك وهو كناية عن الخروج من الاحرام.
و المراد بقوله: " وليوفوا نذورهم " إتمام ما لزمهم بنذر أو نحوه، وبقوله: وليطوفوا بالبيت العتيق " طواف النساء على ما في تفسير أئمة أهل البيت عليهم السلام فإن الخروج من الاحرام يحلل له كل ما حرم به إلا النساء فتحل بطواف النساء وهو آخر العمل.
والبيت العتيق هو الكعبة المشرفة سميت به لقدمه فإنه أول بيت بني لعبادة الله كما قال تعالى: " إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين " آل عمران: 96، وقد مضى على هذا البيت اليوم زهاء أربعة آلاف سنة وهو معمور وكان له يوم نزول الآيات أكثر من ألفين وخمسمائة سنة.
قوله تعالى: " ذلك ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه " إلى آخر الآية الحرمة ما لا يجوز انتهاكه ووجب رعايته، والأوثان جمع وثن وهو الصنم، والزور الميل عن الحق ولذا يسمى الكذب وقول الباطل زورا.
وقوله: " ذلك " أي الامر ذلك أي الذي شرعناه لإبراهيم عليه السلام ومن بعده من نسك الحج هو ذلك الذي ذكرناه وأشرنا إليه من الاحرام والطواف والصلاة والتضحية بالاخلاص لله والتجنب عن الشرك.
وقوله: " ومن يعظم حرمات الله فهو خير له " ندب إلى تعظيم حرمات الله وهي الأمور التي نهى عنها وضرب دونها حدودا منع عن تعديها واقتراف ما وراءها وتعظيمها الكف عن التجاوز إليها.
والذي يعطيه السياق أن هذه الجملة توطئة وتمهيد لما بعدها من قوله: " وأحلت
(٣٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 366 367 368 369 370 371 372 373 374 375 376 ... » »»
الفهرست