تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٤ - الصفحة ٣٧٤
الاعلام المنصوبة للطاعة، والسياق لا يلائمه.
وقوله: فإنها من تقوى القلوب أي تعظيم الشعائر الإلهية من التقوى، فالضمير لتعظيم الشعائر المفهوم من الكلام ثم كأنه حذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه فارجع إليه الضمير.
وإضافة التقوى إلى القلوب للإشارة إلى أن حقيقة التقوى وهي التحرز والتجنب عن سخطه تعالى والتورع عن محارمه أمر معنوى يرجع إلى القلوب وهي النفوس وليست هي جسد الأعمال التي هي حركات وسكنات فإنها مشتركة بين الطاعة والمعصية كالمس في النكاح والزنا، وإزهاق الروح في القتل قصاصا أو ظلما والصلاة المأتي بها قربة أو رياء وغير ذلك، ولا هي العناوين المنتزعة من الافعال كالاحسان والطاعة ونحوها.
قوله تعالى: " لكم فيها منافع إلى أجل مسمى ثم محلها إلى البيت العتيق " المحل بكسر الحاء اسم زمان بمعنى وقت حلول الاجل: وضمير " فيها " للشعائر، والمعنى على تقدير كون المراد بالشعائر بدن الهدي أن لكم في هذه الشعائر - وهي البدن - منافع من ركوب ظهرها وشرب ألبانها عند الحاجة إلى أجل مسمى هو وقت نحرها ثم محلها أي وقت حلول أجلها للنحر منته إلى البيت العتيق أو بانتهائها إليه، والجملة في معنى قوله: " هديا بالغ الكعبة " هذا على تفسير أئمة أهل البيت عليهم السلام.
وأما على القول بكون المراد بالشعائر مناسك الحج فقيل: المراد بالمنافع التجارة إلى أجل مسمى ثم محل هذه المناسك ومنتهاها إلى البيت العتيق لان آخر ما يأتي به من الأعمال الطواف بالبيت.
قوله تعالى: " ولكل أمة جعلنا منسكا ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام " إلى آخر الآية. المنسك مصدر ميمي واسم زمان ومكان، وظاهر قوله: " ليذكروا اسم الله " الخ أنه مصدر ميمي بمعنى العبادة وهي العبادة التي فيها ذبح وتقريب قربان.
والمعنى: ولكل أمة - من الأمم السالفة المؤمنة - جعلنا عبادة من تقريب القرابين ليذكروا اسم الله على بهيمة الأنعام التي رزقهم الله أي لستم معشر أتباع إبراهيم أول أمة شرعت لهم التضحية وتقريب القربان فقد شرعنا لمن قبلكم ذلك.
وقوله: " فإلهكم إله واحد فله أسلموا " أي إذ كان الله سبحانه هو الذي شرع
(٣٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 369 370 371 372 373 374 375 376 377 378 379 ... » »»
الفهرست