تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٤ - الصفحة ٣٧٠
جبارة طاحنة، ولا وسيلة إلى حل مشكلات الحياة كالتعاضد ولا سبيل إلى التعاضد كالتفاهم، ولا تفاهم كتفاهم الدين.
ومنافع أخروية وهي وجوه التقرب إلى الله تعالى بما يمثل عبودية الانسان من قول وفعل وعمل الحج بما له من المناسك يتضمن أنواع العبادات من التوجه إلى الله وترك لذائذ الحياة وشواغل العيش والسعي إليه بتحمل المشاق والطواف حول بيته والصلاة والتضحية والانفاق والصيام وغير ذلك.
وقد تقدم فيما مر أن عمل الحج بما له من الأركان والاجزاء يمثل دورة كاملة مما جرى على إبراهيم عليه السلام في مسيرة في مراحل التوحيد ونفي الشريك وإخلاص العبودية لله سبحانه.
فإتيان الناس إبراهيم عليه السلام أي حضورهم عند البيت لزيارته يستعقب شهودهم هذه المنافع أخرويها ودنيويها وإذا شهدوها تعلقوا بها فالانسان مجبول على حب النفع.
وقوله: " ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام قال الراغب: والبهيمة ما لا نطق له وذلك لما في صوته من الابهام لكن خص في التعارف بما عدا السباع والطير فقال تعالى: " أحلت لكم بهيمة الأنعام ". انتهى.
وقال: والنعم مختص بالإبل وجمعه أنعام وتسميته بذلك لكون الإبل عندهم أعظم نعمة لكن الانعام تقال للإبل والبقر والغنم، ولا يقال لها: أنعام حتى تكون في جملتها الإبل. انتهى.
فالمراد ببهيمة الانعام الأنواع الثلاثة الإبل والبقر والغنم من معز أو ضأن والإضافة بيانية.
والجملة أعني قوله: " ويذكروا " الخ، معطوف على قوله: " يشهدوا " أي و ليذكروا اسم الله في أيام معلومات أي في أيام التشريق على ما فسرها أئمه أهل البيت عليهم السلام وهي يوم الأضحى عاشر ذي الحجة وثلاثة أيام بعده.
وظاهر قوله: على ما رزقهم من بهيمة الأنعام " أنه متعلق بقوله: " يذكروا " وقوله: " من بهيمة الأنعام " بيان للموصول والمراد ذكرهم اسم الله على البهيمة - الأضحية - عند ذبحها أو نحرها على خلاف ما كان المشركون يهلونها لأصنامهم.
وقد ذكر الزمخشري أن قوله: " ويذكروا اسم الله " الخ كناية عن الذبح والنحر
(٣٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 365 366 367 368 369 370 371 372 373 374 375 ... » »»
الفهرست