الله عليها صواف فإذا وجبت جنوبها فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر كذلك سخرناها لكم لعلكم تشكرون (36) - لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم كذلك سخرها لكم لتكبروا الله على ما هديكم وبشر المحسنين (37) - (بيان) تذكر الآيات صد المشركين للمؤمنين عن المسجد الحرام وتقرعهم بالتهديد وتشير إلى تشريع حج البيت لأول مرة لإبراهيم عليه السلام وأمره بتأذين الحج في الناس وجملة من أحكام الحج.
قوله تعالى: " الذين كفروا ويصدون عن سبيل الله والمسجد الحرام الذي جعلناه للناس " الخ. الصد المنع، و " سواء " مصدر بمعنى الفاعل، والعكوف في المكان الإقامة فيه، والبادي من البدو وهو الظهور والمراد به - كما قيل - الطارئ أي الذي يقصده من خارج فيدخله، والالحاد الميل إلى خلاف الاستقامة وأصله إلحاد حافر الدابة.
والمراد بالذين كفروا مشركوا مكة الذين كفروا بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم في أول البعثة قبل الهجرة وكانوا يمنعون الناس عن الاسلام وهو سبيل الله والمؤمنين عن دخول المسجد الحرام لطواف الكعبة وإقامة الصلاة وسائر المناسك فقوله: " يصدون " للاستمرار ولا ضير في عطفه على الفعل الماضي في قوله: " الذين كفروا " والمعنى الذين كفروا قبل ويستمرون على منع الناس عن سبيل الله والمؤمنين عن المسجد الحرام.
وبذلك يظهر أن قوله: " والمسجد الحرام " عطف على " سبيل الله " والمراد بصدهم منعهم المؤمنين عن أداء العبادات والمناسك فيه وكان من لوازمه منع القاصدين للبيت من خارج مكة من دخولها.
وبه يتبين أن المراد بقوله: " الذي جعلناه للناس " - وهو وصف المسجد الحرام - جعله لعبادة الناس لا تمليك رقبته لهم فالناس يملكون أن يعبدوا الله فيه ليس لأحد أن يمنع أحدا من ذلك ففيه إشارة إلى أن منعهم وصدهم عن المسجد الحرام تعد منهم إلى حق الناس وإلحاد بظلم كما أن إضافة السبيل إلى الله تعد منهم إلى حق الله تعالى.