تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٤ - الصفحة ٣٧٦
وقوله: " كذلك سخرها لكم لتكبروا الله على ما هداكم " الظاهر أن المراد بالتكبير ذكره تعالى بالكبرياء والعظمة فالهداية هي هدايته إلى طاعته وعبوديته والمعنى كذلك سخرها لكم ليكون تسخيرها وصلة إلى هدايتكم إلى طاعته والتقرب إليه بتضحيتها فتذكروه بالكبرياء والعظمة على هذه الهداية.
وقيل: المراد بالتكبير معرفته تعالى بالعظمة وبالهداية الهداية إلى تسخيرها والمعنى كذلك سخرها لكم لتعرفوا الله بالعظمة على ما هداكم إلى طريق تسخيرها.
وأول الوجهين أوجه وأمس بالسياق فإن التعليل عليه بأمر مرتبط بالمقام وهو تسخيرها لتضحى ويتقرب بها إلى الله فيذكر تعالى بالكبرياء على ما هدى إلى هذه العبادة التي فيها رضاه وثوابه، وأما مطلق تسخيرها لهم بالهداية إلى طريق تسخيرها لهم فلا اختصاص له بالمقام.
وقوله: " وبشر المحسنين " أي الذين يأتون بالاعمال الحسنة أو بالاحسان وهو الانفاق في سبيل الله.
(بحث روائي) في الدر المنثور أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله تعالى: " ومن يرد فيه بإلحاد " الخ قال: نزلت هذه الآية في عبد الله بن أنيس إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه مع رجلين أحدهما مهاجري والاخر من الأنصار فافتخروا في الأنساب فغضب عبد الله بن أنيس فقتل الأنصاري ثم ارتد عن الاسلام وهرب إلى مكة فنزلت فيه " ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم " يعني من لجأ إلى الحرام بإلحاد يعني بميل عن الاسلام.
أقول: نزول الآية فيما ذكر لا يلائم سياقها ورجوع الذيل إلى الصدر وكونه متمما لمعناه كما مر.
وفي تفسير القمي في قوله تعالى: " إن الذين كفروا - إلى قوله - والباد " قال:
نزلت في قريش حين صدوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن مكة، وقوله: " سواء العاكف فيه والباد " قال: أهل مكة ومن جاء من البلدان فهم سواء لا يمنع من النزول ودخول الحرم.
وفي التهذيب بإسناده عن الحسين بن أبي العلاء قال: ذكر أبو عبد الله عليه السلام هذه الآية " سواء العاكف فيه والباد " فقال كانت مكة ليس على شئ منها باب،
(٣٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 371 372 373 374 375 376 377 378 379 380 381 ... » »»
الفهرست