تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٤ - الصفحة ٣٦١
اثنين البتة، والمحق والمبطل هما المؤمن بالحق والكافر به فهذه الطوائف على تشتت أقوالهم ينحصرون في خصمين اثنين وعلى انحصارهم في خصمين اثنين لهم أقوال مختلفة فوق اثنين فما أحسن تعبيره بقوله: " خصمان اختصموا " حيث لم يقل " خصوم اختصموا ولم يقل: خصمان اختصما.
وقد جعل اختصامهم في ربهم أي أنهم اختلفوا في وصف ربوبيته تعالى فإلى وصف الربوبية يرجع اختلافات لمذاهب بالغة ما بلغت فهم بين من يصف ربه بما يستحقه من الأسماء والصفات وما يليق به من الافعال فيؤمن بما وصف وهو الحق ويعمل على ما يقتضيه وصفه وهو العمل الصالح فهو المؤمن العامل بالصالحات، ومن لا يصفه بما يستحقه من الأسماء والصفات كمن يثبت له شريكا أو ولدا فينفي وحدانيته أو يسند الصنع والايجاد إلى الطبيعة أو الدهر أو ينكر النبوة أو رسالة بعض الرسل أو ضروريا من ضروريات الدين الحق فيكفر بالحق ويستره وهو الكافر فالمؤمن بربه والكافر بالمعنى الذي ذكرهما الخصمان.
ثم شرع في جزاء الخصمين وبين عاقبة أمر كل منهما بعد فصل القضاء وقدم الذين كفروا فقال: " فالذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار يصب من فوق رؤوسهم الحميم " أي الماء الحار المغلي.
قوله تعالى: " يصهر به ما في بطونهم والجلود " الصهر الاذابة أي يذوب وينضج بذاك الحميم ما في بطونهم من الأمعاء والجلود.
قوله تعالى: " ولهم مقامع من حديد " المقامع جمع مقمعة وهي المدقة والعمود.
قوله تعالى: " كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم أعيدوا فيها وذوقوا عذاب الحريق " ضمير " منها " للنار و " من غم " بيان له أو من بمعنى السببية والحريق بمعنى المحرق كالأليم بمعنى المؤلم.
قوله تعالى: " إن الله يدخل الذين آمنوا " إلى آخر الآية، الأساور على ما قيل - جمع أسورة وهي جمع سوار وهو على ما ذكره الراغب معاب " دستواره " والباقي ظاهر.
قوله تعالى: " وهدوا إلى الطيب من القول وهدوا إلى صراط الحميد " الطيب من القول ما لا خباثة فيه وخبيث القول باطله على أقسامه وقد جمع القول الطيب كله
(٣٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 356 357 358 359 360 361 362 363 364 365 366 ... » »»
الفهرست