تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٤ - الصفحة ٣٦٣
في المشيئة فقال له علي: يا عبد الله خلقك الله لما يشاء أو لما شئت؟ قال: بل لما يشاء قال: فيمرضك إذا شاء أو إذا شئت؟ قال: بل إذا شاء. قال فيشفيك إذا شاء أو إذا شئت؟ قال: بل إذا شاء. قال فيدخلك الجنة حيث شاء أو حيث شئت؟ قال:
بل حيث شاء. قال: والله لو قلت غير ذلك لضربت الذي فيه عيناك بالسيف.
أقول: ورواه في التوحيد بإسناده عن عبد الله بن الميمون القداح عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهما السلام وفيه " فيدخلك حيث يشاء أو حيث شئت " ولم يذكر الجنة. وقد تقدمت رواية في هذا المعنى شرحناها في ذيل قوله: " ولا يضل به إلا الفاسقين: البقرة: 26 في الجزء الأول من الكتاب.
وفي التوحيد بإسناده إلى سليمان بن جعفر الجعفري قال: قال الرضا عليه السلام:
المشية من صفات الافعال فمن زعم أن الله لم يزل مريدا شائيا فليس بموحد.
أقول: في قوله عليه السلام ثانيا: " لم يزل مريدا شائيا " تلويح إلى اتحاد الإرادة والمشية وهو كذلك فإن المشية معنى يوصف به الانسان إذا اعتبر كونه فاعلا شاعرا بفعله المضاف إليه، وإذا تمت فاعليته بحيث لا ينفك عنه الفعل سمي هذا المعنى بعينه إرادة، وعلى أي حال هو وصف خارج عن الذات طار عليه، ولذلك لا يتصف تعالى بها كاتصافه بصفاته الذاتية كالعلم والقدرة لتنزهه عن تغير الذات بعروض العوارض بل هي من صفات فعله منتزعة من نفس الفعل أو من حضور الأسباب عليه.
فقولنا: أراد الله كذا معناه أنه فعله عالما بأنه أصلح أو أنه هيأ أسبابه عالما بأنه أصلح، وإذا كانت بمعناها الذي فينا غير الذات فلو قيل: لم يزل الله مريدا كان لازمه إثبات شئ أزلي غير مخلوق له معه وهو خلاف توحيده، وأما قول القائل: إن معنى الإرادة هو العلم بالأصلح، والعلم من صفات الذات فلم يزل مريدا أي عالما بما فعله أصلح فهو إرجاع للإرادة إلى العلم ولا محذور فيه غير أن عد الإرادة على هذا صفة أخرى وراء الحياة والعلم والقدرة لا وجه له.
وفي الدر المنثور أخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد والبخاري ومسلم والترمذي وابن ماجة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي
(٣٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 358 359 360 361 362 363 364 365 366 367 368 ... » »»
الفهرست