قالوا: إن الضمير في " لن ينصره الله " للنبي صلى الله عليه وآله وسلم وذلك أن مشركي مكة كانوا يظنون أن الذي جاء به النبي صلى الله عليه وآله وسلم من الدين أحدوثة كاذبة لا تبتنى على أصل عريق فلا يرتفع ذكره، ولا ينتشر دينه، وليس له عند الله منزلة حتى إذا هاجر صلى الله عليه وآله وسلم إلى المدينة فنصره الله سبحانه فبسط دينه ورفع ذكره غاظهم ذلك غيظا شديدا فقرعهم الله سبحانه بهذه الآية وأشار بها إلى أن الله ناصره ولن يذهب غيظهم ولو خنقوا أنفسهم فلن يؤثر كيدهم أثرا.
والمعنى: من كان يظن من المشركين أن لن ينصر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وآله وسلم في الدنيا برفع الذكر وبسط الدين وفي الآخرة بالمغفرة والرحمة له وللمؤمنين به ثم غاظه ما يشاهده اليوم من نصر الله له فليمدد بحبل إلى السماء - كأن يربط طرف الحبل على جذع عال ونحوه - ثم ليختنق به فلينظر هل يذهبن كيده وحيلته هذا ما يغيظ أي غيظة.
وهذا معنى حسن يؤيده سياق الآيات السابقة وما استفدناه سابقا من نزول السورة بعد الهجرة بقليل ومشركو مكة بعد على قدرتهم وشوكتهم.
وذكر بعضهم أن ضمير " لن ينصره " عائد إلى " من " ومعنى القطع قطع المسافة والمراد بمد سبب إلى السماء الصعود عليها لابطال حكم الله، والمعنى من كان يظن أن لن ينصره الله في الدنيا والآخرة فليصعد السماء بسبب يمده ثم ليقطع المسافة ولينظر هل يذهب كيده ما يغيظه من حكم.
ولعل هؤلاء يعنون أن المراد بالآية أن من الواجب على الانسان أن يرجو ربه في دنياه وآخرته وإن لم يرجه وظن أن لن ينصره الله فيهما وغاظه ذلك فليكد ما يكيد فإنه لا ينفعه.
وذكر آخرون أن الضمير للموصول كما في القول السابق، والمراد بالنصر الرزق كما يقال: أرض منصورة أي ممطورة والمعنى كما في القول الأول.
وهذا أقرب إلى الاعتبار من سابقة وأحسن لكن يرد على الوجهين جميعا لزوم انقطاع الآية عما قبلها من الآيات. على أن الأنسب على هذين الوجهين في التعبير أن يقال: من ظن أن لن ينصره الله " الخ ". لا أن يقال: " من كان يظن " الظاهر في استمرار