أراد الآخرة وسعى لها سعيها فهو مؤمن بالله وبنشأة وراء هذه النشأة الدنيوية قطعا فلو لا ان التقييد بالايمان لإفادة وجوب كون الايمان صحيحا ومن صحته ان يصاحب التوحيد والاذعان بالنبوة لم يكن للتقييد وجه فمجرد التقييد بالايمان يكفي مؤونة الاستعانة بآيات اخر.
وقوله: (فأولئك كان سعيهم مشكورا) أي يشكره الله بحسن قبوله والثناء على ساعيه، وشكره تعالى على عمل العبد تفضل منه على تفضل فان أصل إثابة العبد على عمله تفضل لان من وظيفة العبد ان يعبد مولاه من غير وجوب الجزاء عليه فالإثابة تفضل، والثناء عليه بعد الاثابة تفضل على تفضل والله ذو الفضل العظيم.
وفي الآيتين دلالة على أن الأسباب الأخروية وهى الأعمال لا تتخلف عن غاياتها بخلاف الأسباب الدنيوية فإنه سبحانه يقول فيمن عمل للآخرة: (فأولئك كان سعيهم مشكورا) ويقول فيمن عمل للدنيا: (عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد).
قوله تعالى: (كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظورا) قال في المفردات أصل المد الجر ومنه المدة للوقت الممتد ومدة الجرح ومد النهر و مده نهر آخر ومددت عيني إلى كذا قال تعالى: (ولا تمدن عينيك) الآية ومددته في غيه... وامددت الجيش بمدد والانسان بطعام قال: وأكثر ما جاء الامداد في المحبوب والمد في المكروه نحو (وأمددناهم بفاكهة ولحم مما يشتهون) (ونمد له من العذاب مدا) (ونمدهم في طغيانهم) (وإخوانهم يمدونهم في الغى) انتهى بتلخيص منا.
فامداد الشئ ومده ان يضاف إليه من نوعه مثلا ما يمتد به بقاؤه ويدوم به وجوده ولولا ذلك لانقطع كالعين من الماء التي تستمد من المنبع ويضاف إليها منه الماء حينا بعد حين ويمتد بذلك جريانها.
والله سبحانه يمد الانسان في أعماله سواء كان ممن يريد العاجلة أو الآخرة فان جميع ما يتوقف عليه العمل في تحققه من العلم والإرادة والأدوات البدنية والقوى العمالة و المواد الخارجية التي يقع عليها العمل ويتصرف فيها العامل والأسباب والشرائط