والصيت والرئاسة والسؤدد والقبول عند الناس.
وقوله: (وللاخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلا) أي هي أكبر من الدنيا في الدرجات والتفضيل فلا يتوهمن متوهم ان أهل الآخرة في عيشة سواء ولا ان التفاوت بين معايشهم كتفاوت أهل الدنيا في دنياهم بل الدار أوسع من الدنيا بما لا يقاس وذلك أن سبب التفضيل في الدنيا هي اختلاف الأسباب الكونية وهى محدودة والدار دار التزاحم وسبب التفضيل واختلاف الدرجات في الآخرة هو اختلاف النفوس في الايمان والاخلاص وهى من أحوال القلوب، واختلاف أحوالها أوسع من اختلاف أحوال الأجسام بما لا يقاس قال تعالى: (ان تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله) البقرة: 284 وقال: (يوم لا ينفع مال ولا بنون الا من اتى الله بقلب سليم) الشعراء: 89.
ففي الآية امره صلى الله عليه وآله وسلم ان ينظر إلى ما بين أهل الدنيا من التفاضل والاعتبار ليجعل ذلك ذريعة إلى فهم ما بين أهل الآخرة من تفاوت الدرجات والتفاضل في المقامات فان اختلاف الأحوال في الدنيا يؤدى إلى اختلاف الادراكات الباطنة والنيات والأعمال التي يتيسر للانسان ان يأتي بها واختلاف ذلك يؤدى إلى اختلاف الدرجات في الآخرة.
قوله تعالى: (لا تجعل مع الله الها آخر فتقعد ملوما مخذولا) قال في المفردات:
الخذلان ترك من يظن به ان ينصر نصرته انتهى.
والآية بمنزلة النتيجة للآيات السابقة التي ذكرت سنة الله في عباده وختمت في أن من أراد منهم العاجلة انتهى به ذلك إلى أن يصلى جهنم مذموما مدحورا، ومن أراد منهم الآخرة شكر الله سعيه الجميل، والمعنى لا تشرك بالله سبحانه حتى يؤديك ذلك إلى أن تقعد وتحتبس عن السير إلى درجات القرب وأنت مذموم لا ينصرك الله ولا ناصر دونه وقيل: القعود كناية عن المذلة والعجز.