عليه السلام وهو كذلك، وقد تقدم في تفسير قوله تعالى: (كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين) البقرة: 213 في الجزء الثاني من الكتاب ان المجتمع الانساني قبل زمن نوح عليه السلام كانوا على سذاجة الفطرة ثم اختلفوا بعد ذلك.
قوله تعالى: (من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ثم جعلنا له جهنم يصلاها مذموما مدحورا) العاجلة صفة محذوفة الموصوف ولعل موصوفها الحياة بقرينة مقابلتها للآخرة في الآية التالية وهى الحياة الآخرة وقيل: المراد النعم العاجلة وقيل:
الاعراض الدنيوية العاجلة.
وفي المفردات: أصل الصلي لايقاد النار. قال: وقال الخليل: صلى الكافر النار قاسى حرها (يصلونها فبئس المصير) وقيل: صلى النار دخل فيها، واصلاها غيره قال:
(فسوف نصليه نارا) انتهى. وفي المجمع: الدحر الابعاد والمدحور المبعد المطرود يقال: اللهم ادحر عنا الشيطان أي ابعده انتهى.
لما ذكر سبحانه سنته في التعذيب الدنيوي اثر دعوة الرسالة وانه يهدى الأمم الانسانية إلى الايمان والعمل الصالح حتى إذا فسدوا وافسدوا بعث إليهم رسولا فإذا طغوا وفسقوا عذبهم عذاب الاستئصال، عاد إلى بيان سنته في التعذيب الأخروي والاثابة فيها في هذه الآية والآيتين بعدها يذكر في آية ملاك عذاب الآخرة، وفي آية ملاك ثوابها، وفي آية محصل القول والأصل الكلى في ذلك.
فقوله: (من كان يريد العاجلة) أي الذي يريد الحياة العاجلة وهى الحياة الدنيا، وإرادة الحياة الدنيا انما هي طلب ما فيها من المتاع الذي تلتذ به النفس ويتعلق به القلب، والتعلق بالعاجلة وطلبها انما يعد طلبا لها إذا كانت مقصودة بالاستقلال لا لأجل التوسل بها إلى سعادة الأخرى والا كانت إرادة للآخرة فان الآخرة لا يسلك إليها الا من طريق الدنيا فلا يكون الانسان مريدا للدنيا الا إذا اعرض عن الآخرة ونسيها فتمحضت ارادته في الدنيا، ويدل عليه أيضا خصوص التعبير في الآية (من كان يريد) حيث يدل على استمرار الإرادة.
وهذا هو الذي لا يرى لنفسه الا هذه الحياة المادية الدنيوية وينكر الحياة الآخرة،