وقوله: (وما كان عطاء ربك محظورا) أي ممنوعا - والحظر المنع - فأهل الدنيا وأهل الآخرة مستمدون من عطائه منعمون بنعمته ممنونون بمنته.
وفي الآية دلالة على أن العطاء الإلهي مطلق غير محدود بحد لمكان اطلاق العطاء ونفى الحظر في الآية فما يوجد من التحديد والتقدير والمنع باختلاف الموارد فإنما هو من ناحية المستفيض وخصوص استعداده للاستفاضة أو فقدانه من رأس لا من ناحية المفيض.
ومن عجيب ما قيل في الآية ما نسب إلى الحسن وقتادة ان المراد بالعطاء العطاء الدنيوي فهو المشترك بين المؤمن والكافر واما العطاء الأخروي فللمؤمنين خاصة، والمعنى كما قيل: كل الفريقين نمد بالعطايا العاجلة لا الفريق الأول المريد للعاجلة فقط وما كان عطاؤه الدنيوي محظورا من أحد.
وفيه انه تقييد من غير مقيد مع صلاحية المورد للاطلاق واما ما ذكر من اختصاص العطاء الأخروي بالمؤمنين من غير مشاركة الكفار لهم فيه فخارج من مصب الكلام في الآية فان الكلام في الامداد الذي يمد به الأعمال المنتهية إلى الجزاء لا في الجزاء، وعطايا المؤمنين في الآخرة من الجزاء لا من قبيل الأعمال، ونفس ما يمد به اعمال الفريقين عطايا دنيوية وأخروية على أن العطايا الأخروية أيضا مشتركة غير محظورة والحظر فيها من قبل الكافرين كما أن الامر في العطايا الدنيوية أيضا كذلك فربما يمنع لكن لا من قبل محدودية العطاء بل من قبل عدم صلاحية القابل.
وقال في روح المعاني: ان التقسيم الذي تضمنته الآية غير حاصر وذلك غير مضر، والتقسيم الحاصر ان كل فاعل اما ان يريد بفعله العاجلة فقط أو يريد الآخرة فقط أو يريدهما معا أو لم يرد شيئا والقسمان الأولان قد علم حكمهما من الآية، والقسم الثالث ينقسم إلى ثلاثة اقسام لأنه اما ان تكون إرادة الآخرة أرجح أو تكون مرجوحة أو تكون الإرادتان متعادلتين.
ثم اطال البحث فيما تكون فيه إرادة الآخرة أرجح ونقل اختلاف العلماء في قبول هذا النوع من العمل، ونقل اتفاقهم على عدم قبول ما يترجح فيه باعث الدنيا أو كان