قوله تعالى: (ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات ان لهم اجرا كبيرا) الصالحات صفة محذوف موصوفها اختصارا والتقدير وعملوا الأعمال الصالحات.
وفي الآية جعل حق للمؤمنين الذين آمنوا وعملوا الصالحات على الله سبحانه كما يؤيده تسمية ذلك اجرا ويؤيده أيضا قوله في موضع آخر: (ان الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم اجر غير ممنون) حم السجدة: 8 ولا محذور في أن يكون لهم على الله حق إذا كان الله سبحانه هو الجاعل له، ونظيره قوله: (ثم ننجي رسلنا والذين آمنوا كذلك حقا علينا ننج المؤمنين) يونس: 103.
والعناية في الآية ببيان الوعد المنجز كما أن الآية التالية تعنى ببيان الوعيد المنجز وهو العذاب لمن يكفر بالآخرة، واما من آمن ولم يعمل الصالحات فليس ممن له على الله اجر منجز وحق ثابت بل امره مراعى بتوبة أو شفاعة حتى يلحق بذلك على معشر الصالحين من المؤمنين قال تعالى: (وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا عسى الله ان يتوب عليهم) التوبة: 102 وقال: وآخرون مرجون لأمر الله اما يعذبهم واما يتوب عليهم) التوبة: 106.
نعم لهم ثبات على الحق بايمانهم كما قال تعالى: (وبشر الذين آمنوا ان لهم قدم صدق عند ربهم) يونس: 2 وقال: (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة) إبراهيم: 27.
قوله تعالى: (وان الذين لا يؤمنون بالآخرة اعتدنا لهم عذابا اليما) الاعتاد الاعداد والتهيئة من العتاد بالفتح وهو على ما ذكره الراغب ادخار الشئ قبل الحاجة إليه كالاعداد.
وظاهر السياق انه عطف على قوله في الآية السابقة: (ان لهم) الخ فيكون التقدير ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات ان الذين لا يؤمنون (الخ) وكون ذلك بشارة للمؤمنين من حيث إنه انتقام الهى من أعدائهم في الدين.
وانما خص بالذكر من أوصاف هؤلاء عدم ايمانهم بالآخرة مع جواز ان يكفروا بغيرها كالتوحيد والنبوة لان الكلام مسوق لبيان الأثر الذي يعقبه الدين القيم، ولا موقع للدين ولا فائدة له مع انكار المعاد وان اعترف بوحدانية الرب تعالى وغيرها