يكفل اصلاح الشؤون الضرورية لموكله ويقدم على رفع حوائجه وهو الله سبحانه فاتخاذ غيره ربا هو اتخاذ وكيل من دونه.
قوله تعالى: (ذرية من حملنا مع نوح انه كان عبدا شكورا) تطلق الذرية على الأولاد بعناية كونهم صغارا ملحقين بابائهم، وهى - على ما يهدى إليه السياق - منصوبة على الاختصاص ويفيد الاختصاص عناية خاصة من المتكلم به في حكمه فهو.
بمنزلة التعليل كقوله تعالى: (انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت) الأحزاب 33 أي ليفعل بكم ذلك لأنكم أهل بيت النبوة ه.
فقوله: (ذرية من حملنا مع نوح) يفيد فائدة التعليل بالنسبة إلى ما تقدمه كما أن قوله: (انه كان عبدا شكورا) يفيد فائدة التعليل بالنسبة إليه.
اما الأول فلان الظاهر أن تعلق العناية بهم انما هو من جهة ما سبق من الله سبحانه لأهل سفينة نوح من الوعد الجميل حين نجاهم من الطوفان وامر نوحا بالهبوط بقوله:
(يا نوح اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى أمم ممن معك وأمم سنمتعهم ثم يمسهم منا عذاب اليم) هود: 48 ففي انزاله الكتاب لموسى وجعله هدى لبني إسرائيل انجاز للوعد الحسن الذي سبق لابائهم من أهل السفينة وجرى على السنة الإلهية الجارية في الأمم فكأنه قيل: أنزلنا على موسى الكتاب وجعلناه هدى لبني إسرائيل لانهم ذرية من حملنا مع نوح وقد وعدناهم السلام والبركات والتمتيع.
واما الثاني فلان هذه السنة أعني سنة الهداية والارشاد وطريقة الدعوة إلى التوحيد هي بعينها السنة التي كان نوح عليه السلام أول من قام بها في العالم البشرى فشكر بذلك نعمة الله وأخلص له في العبودية - وقد تقدم مرارا ان الشكر بحقيقته يلازم الاخلاص في العبودية - فشكر الله له، وجعل سنته باقية ببقاء الدنيا، وسلم عليه في العالمين، وأثابه بكل كلمة طيبة وعمل صالح إلى يوم القيامة كما قال تعالى: (وجعلنا ذريته هم الباقين وتركنا عليه في الآخرين سلام على نوح في العالمين انا كذلك نجزى المحسنين) الصافات: 80.
فيتلخص معنى الآيتين في مثل قولنا: انا جزينا نوحا بما كان عبدا شكورا لنا انا أبقينا دعوته واجرينا سنته وطريقته في ذرية من حملناهم معه في السفينة ومن ذلك انا أنزلنا على موسى الكتاب وجعلناه هدى لبني إسرائيل.