- بيت المقدس - ولا يعبؤ بما ذكره بعضهم ان المراد به جميع الأرض المقدسة مجازا، وفي الكلام دلالة اولا انهم في وعد المرة الأولى أيضا دخلوا المسجد عنوة وانما لم يذكر قبلا للايجاز، وثانيا ان دخولهم المسجد انما كان للهتك والتخريب، وثالثا يشعر الكلام بان هؤلاء المهاجمين المبعوثين لمجازاة بني إسرائيل والانتقام منهم هم الذين بعثوا عليهم اولا.
وقوله: (وليتبروا ما علوا تتبيرا) أي ليهلكوا الذي غلبوا عليه اهلاكا فيقتلوا النفوس ويحرقوا الأموال ويهدموا الابنية ويخربوا البلاد، واحتمل ان يكون ما مصدرية بحذف مضاف وتقدير الكلام: وليتبروا مدة علوهم تتبيرا، والمعنى الأول أقرب إلى الفهم وأوفق بالسياق.
والمقايسة بين الوعدين أعني قوله: (بعثنا عليكم عبادا لنا) الخ وقولة: (ليسوؤا وجوهكم) الخ يعطى ان الثاني كان أشد على بني إسرائيل وامر وقد كادوا ان يفنوا ويبيدوا فيه عن آخرهم وكفى في ذلك قوله تعالى: (وليتبروا ما علوا تتبيرا).
والمعنى فإذا جاء وعد المرة الآخرة وهى الثانية من الافسادتين بعثناهم ليسوؤا وجوهكم بظهور الحزن والكآبة وبدو الذلة والمسكنة وليدخلوا المسجد الأقصى كما دخلوه أول مرة وليهلكوا الذي غلبوا عليه ويفنوا الذي مروا عليه اهلاكا وافناء.
قوله تعالى: (عسى ربكم ان يرحمكم وان عدتم عدنا وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا) الحصير من الحصر و - هو على ما ذكروه - التضييق والحبس قال تعالى:
(واحصروهم) التوبة: 5 أي ضيقوا عليهم.
وقوله: (عسى ربكم ان يرحمكم) أي بعد البعث الثاني على ما يفيده السياق وهو ترج للرحمة ه على تقدير ان يتوبوا ويرجعوا إلى الطاعة والاحسان بدليل قوله:
(وان تعودوا نعد) أي وان تعودوا إلى الافساد والعلو، بعد ما رجعتم عنه ورحمكم ربكم نعد إلى العقوبة والنكال، وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا ومكانا حابسا لا يستطيعون منه خروجا.
وفي قوله: (عسى ربكم ان يرحمكم) التفات من التكلم مع الغير إلى الغيبة وكان الوجه فيه الإشارة إلى أن الأصل الذي يقتضيه ربوبيته تعالى ان يرحم عباده ان