على صانعها مع أن الآية تنفى عنهم الفقه.
ولا يصغى إلى قول من قال: إن الخطاب للمشركين وهم لعدم تدبرهم فيها وقلة انتفاعهم بها كان فهمهم بمنزله العدم ولا إلى دعوى من يدعى أنهم لعدم فهمهم بعض المراد من التسبيح جعلوا ممن لا يفقه الجميع تغليبا.
وذلك لان تنزيل الفهم منزله العدم أو جعل البعض كالجميع لا يلائم مقام الاحتجاج وهو سبحانه يخاطبهم في سابق الآية بالحجة على التنزيه على أن هذا النوع من المسامحة بالتغليب ونحوه لا يحتمله كلامه تعالى.
وأما ما وقع في قوله بعد هذه الآية: " وإذا قرأت القرآن " إلى آخر الآيات من نفى الفقه عن المشركين فليس يؤيد ما ذكروه فإن الآيات تنفى عنهم فقه القرآن وهو غير نفى فقه دلالة الأشياء على تنزهه تعالى إذ بها تتم الحجة عليهم.
فالحق أن التسبيح الذي تثبته الآية لكل شئ هو التسبيح بمعناه الحقيقي وقد تكرر في كلامه تعالى إثباته للسموات والأرض ومن فيهن وما فيهن وفيها موارد لا تحتمل إلا الحقيقة كقوله تعالى وسخرنا مع داود الجبال يسبحن والطير " الأنبياء:
79، وقوله " إنا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشى والاشراق " ص: 18 ويقرب منه قوله يا جبال أوبي معه والطير: سبا: 10 فلا معنى لحملها على التسبيح بلسان الحال.
وقد استفاضت الروايات من طرق الشيعة وأهل السنة أن للأشياء تسبيحا ومنها روايات تسبيح الحصى في كف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وسيوافيك بعضها في البحث الروائي الآتي إن شاء الله تعالى.
وقوله: " انه كان حليما غفورا " أي يمهل فلا يعاجل بالعقوبة ويغفر من تاب و رجع إليه وفى الوصفين دلاله على تنزهه تعالى عن كل نقص فإن لازم الحلم أن لا يخاف الفوت، ولازم المغفرة أن لا يتضرر بالمغفرة ولا بإفاضة الرحمة فملكه وربوبيته لا يقبل نقصا ولا زوالا. وقد قيل في وجه هذا التذييل أنه إشارة إلى أن الانسان في قصوره عن فهم هذا