وصف المفعول المطلق أعني " علوا " بقوله: " كبيرا " فالكلام في معنى تعالى تعاليا:
والآية تنزيه له تعالى عما يقولونه من ثبوت الالهة وكون ملكه وربوبيته مما يمكن أن يناله غيره.
قوله تعالى: " تسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن وان من شئ الا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم " الخ الآية وما قبلها وان كانت واقعه موقع التعظيم كقوله: " وقالوا اتخذ الله ولدا سبحانه " لكنها تفيد بوجه في الحجة المتقدمة فإنها بمنزلة المقدمة المتممة لقوله: " لو كان معه آلهة كما يقولون " الخ فان الحجة بالحقيقة قياس استثنائي والذي بمنزلة الاستثناء هو ما في الآية من تسبيح الأشياء له سبحانه كأنه قيل: لو كان معه آلهة لكان ملكه في معرض المنازعة والمهاجمة لكن الملك من السماوات والأرض ومن فيهن ينزهه عن ذلك ويشهد ان لا شريك له في الملك فإنها لم تبتدء الا منه ولا تنتهى الا إليه ولا تقوم الا به ولا تخضع سجدا الا له فلا يتلبس بالملك ولا يصلح له الا هو فلا رب غيره.
ومن الممكن ان تكون الآيتان أعني قوله: " سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا. تسبح له السماوات " الخ جميعا في معنى الاستثناء والتقدير لو كان معه آلهة لطلبوا مغالبته وعزله من ملكه لكنه سبحانه ينزه ذاته عن ذلك بذاته الفياضة التي يقوم به كل شئ وتلزمه الربوبية من غير أن يفارقه أو ينتقل إلى غيره، وكذلك ملكه وهو عالم السماوات والأرض ومن فيهن ينزهنه سبحانه بذواتها المسبحة له حيث إنها قائمة الذات به لو انقطعت أو حجبت عنه طرفة عين فنت وانعدمت فليس معه آلهة ولا أن ملكه وربوبيته مما يمكن ان يبتغيه غيره فتأمل فيه.
وكيف كان فقوله " تسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن " يثبت لاجزاء العالم المشهود التسبيح وأنها تسبح الله وتنزهه عما يقولون من الشريك و ينسبون إليه.
والتسبيح تنزيه قولي كلامي وحقيقه الكلام الكشف عما في الضمير بنوع من الإشارة إليه والدلالة عليه غير أن الانسان لما لم يجد إلى اراده كل ما يريد الإشارة إليه من طريق التكوين طريقا التجأ إلى استعمال الألفاظ وهى الأصوات الموضوعة للمعاني