عن رب واحد لا شريك له ولا نقص فيه.
فمثل هذا الانسان الجاحد في كون جحوده اعترافا مثل ما لو ادعى إنسان أن لا إنسان متكلما في الدنيا وشهد على ذلك قولا فإن شهادته أقوى حجة على خلاف ما ادعاه وشهد عليه وكلما تكررت الشهادة على هذا النمط وكثر الشهود تأكدت الحجة من طريق الشهادة على خلافها.
فإن قلت: مجرد الكشف عن التنزه لا يسمى تسبيحا حتى يقارن القصد والقصد مما يتوقف على الحياة وأغلب هذه الموجودات عادمة للحياة كالأرض والسماء وأنواع الجمادات فلا مخلص من حمل التسبيح على المجاز فتسبيحها دلالتها بحسب وجودها على تنزه ربها.
قلت: كلامه تعالى مشعر بأن العلم سار في الموجودات مع سريان الخلقة فلكل منها حظ من العلم على مقدار حظه من الوجود، وليس لازم ذلك أن يتساوى الجميع من حيث العلم أو يتحد من حيث جنسه ونوعه أو يكون عند كل ما عند الانسان من ذلك أو أن يفقه الانسان بما عندها من العلم قال تعالى حكاية عن أعضاء الانسان: " قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شئ " حم السجدة: 21 وقال " فقال لها للأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين " حم السجدة 11 والآيات في هذا المعنى كثيرة، وسيوافيك كلام مستقل في ذلك إن شاء الله تعالى.
وإذا كان كذلك فما من موجود مخلوق إلا وهو يشعر بنفسه بعض الشعور وهو يريد بوجوده إظهار نفسه المحتاجة الناقصة التي يحيط بها غنى ربه وكماله لا رب غيره فهو يسبح ربه وينزهه عن الشريك وعن كل نقص ينسب إليه.
وبذلك يظهر أن لا وجه لحمل التسبيح في الآية على مطلق الدلالة مجازا فالمجاز لا يصار إليه إلا مع امتناع الحمل على الحقيقة ونظيره قول بعضهم: إن تسبيح بعض هذه الموجودات قا لي حقيقي كتسبيح الملائكة والمؤمنين من الانسان وتسبيح بعضها حالي مجازى كدلالة الجمادات بوجودها عليه تعالى ولفظ التسبيح مستعمل في في الآية على سبيل عموم المجاز، وقد عرفت ضعفه آنفا.
والحق أن التسبيح في الجميع حقيقي قالي غير أن كونه قاليا لا يستلزم أن يكون