في كل موجود بالضرورة لطلب أولئك الالهة أن ينالوا ملكه فيعزلوه عن عرشه ويزدادوا ملكا على ملك لحبهم ذلك ضروره لكن لا سبيل لاحد إليه تعالى عن ذلك.
فقوله: " إذا لابتغوا إلى ذي العرش سبيلا " أي طلبوا سبيلا إليه ليغلبوه على ما له من الملك، والتعبير عنه تعالى بذى العرش وهو من الصفات الخاصة بالملك للدلالة على أن ابتغاءهم السبيل إليه انما هو لكونه ذا العرش وهو ابتغاء سبيل إلى عرشه ليستقروا عليه.
ومن هنا يظهر أن قول بعضهم ان الحجة في الآية هي في معنى الحجة التي في قوله تعالى: " لو كان فيهما آلهة الا الله لفسدتا " الآية: الأنبياء 22 في غير محله.
وذلك أن الحجتين مختلفتان في مقدماتهما فالحجة التي في الآية التي نحن فيها تسلك إلى نفى الشريك من جهة ابتغاء الالهة السبيل إلى ذي العرش وطلبهم الغلبة عليه بانتزاع الملك منه، والتي في آية الأنبياء تسلك من جهة أن اختلاف الالهة في ذواتهم يؤدى إلى اختلافهم في التدبير وذلك يؤدى إلى فساد النظام فالحق أن الحجة التي فيما نحن فيه غير الحجة التي في آية الأنبياء والتي تقرب من حجه آية الأنبياء ما في قوله: " إذا لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض: المؤمنون 91.
وكذا ما نقل عن بعض قدماء المفسرين: أن المراد من ابتغائهم سبيلا إلى ذي العرش طلبهم التقرب والزلفى منه لعلوه عليهم، وتقريب الحجة انه لو كان معه آلهة كما يقولون لطلبوا التقرب منه تعالى والزلفى لديه لعلمهم بعلوه وعظمته، والذي كان حاله هذا الحال لا يكون الها فليسوا بالهة.
في غير محله لشهادة السياق على خلافه كوصفه تعالى بذى العرش وقوله بعد " سبحانه وتعالى عما يقولون " الخ فإنه ظاهر في أن لما قدروه من ثبوت الالهة المستلزم لابتغائهم سبيلا إلى الله محذورا عظيما لا تحتمله ساحه العظمة والكبرياء مثل كون ملكه في معرض ابتغاء سبيل إليه وتهاجم غيره عليه وكونه لا يابى بحسب طبعه أن يبتز وينتقل إلى من دونه.
قوله تعالى: " سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا " التعالي هو العلو البالغ ولهذا