مرة وجدتهم يحركون إليك رؤوسهم تحريك المستهزئ المستخف بك المستهين له ويقولون متى هو؟ قل عسى أن يكون قريبا فإنه لا سبيل إلى العلم به وهو من الغيب الذي لا يعلمه إلا الله لكن وصف اليوم معلوم باعلامه تعالى ولذا وصفه لهم واضعا الصفة مكان الوقت فقال: يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده، الآية.
قوله تعالى: " يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده وتظنون إن لبثتم إلا قليلا " " يوم " منصوب بفعل مضمر أي تبعثون يوم كذا وكذا والدعوة هي أمره تعالى لهم أن يقوموا ليوم الجزاء واستجابتهم هي قبولهم الدعوة الإلهية، وقوله " بحمده " حال من فاعل تستجيبون والتقدير تستجيبون متلبسين بحمده أي حامدين له تعدون البعث والإعادة منه فعلا جميلا يحمد فاعله ويثنى عليه لان الحقائق تنكشف لكم اليوم فيتبين لكم أن من الواجب في الحكمة الإلهية أن يبعث الناس للجزاء وأن تكون بعد الأولى أخرى.
وقوله " وتظنون إن لبثتم الا قليلا " أي تزعمون يوم البعث أنكم لم تلبثوا في القبور بعد الموت الا زمانا قليلا وترون أن اليوم كان قريبا منكم جدا.
وقد صدقهم الله في هذه المزعمة وان خطاهم فيما ضربوا له من المدة قال تعالى " قال إن لبثتم الا قليلا لو أنكم كنتم تعلمون: المؤمنون، 114، وقال ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة كذلك كانوا يؤفكون قال الذين أوتوا العلم والايمان لقد لبثتم في كتاب الله إلى يوم البعث فهذا يوم البعث " الروم: 56 إلى غير ذلك من الآيات.
وفى التعرض لقوله " وتظنون ان لبثتم الا قليلا " تعريض لهم في استبطائهم اليوم واستهزائهم به وتأييد لما مر من رجاء قربه في قوله قل عسى أن يكون قريبا أي وانكم ستعدونه قريبا وكذا في قوله: " فتستجيبون بحمده تعريض لهم في استهزائهم به وتعجبهم منه أي وانكم ستحمدونه يوم البعث وأنتم اليوم تستبعدونه وتستهزؤن بأمره.
قوله تعالى: " قل لعبادي يقولوا التي هي أحسن ان الشيطان ينزغ بينهم " الخ يلوح من السياق أن المراد بعبادي هم المؤمنون فالإضافة للتشريف، وقوله: " قل