تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٣ - الصفحة ١١٩
قوله تعالى: " ربكم أعلم بكم إن يشأ يرحمكم أو أن يشا يعذبكم وما جعلناك عليهم وكيلا " قد تقدم أن الآية وما بعدها تتمة السياق السابق وعلى ذلك فصدر الآية من تمام كلام النبي صلى الله عليه وآله وسلم الذي أمر بإلقائه على المؤمنين بقوله: " قل لعبادي يقولوا " الخ وذيل الآية خطاب للنبي خاصه فلا التفات في الكلام.
ويمكن أن يكون الخطاب في صدر الآية للنبي صلى الله عليه وآله وسلم والمؤمنين جميعا بتغليب جانب خطابه على غيبتهم، وهذا أنسب بسياق الآية السابقة وتلاحق الكلام والكلام لله جميعا.
وكيف كان فقوله: " ربكم أعلم بكم ان يشا يرحمكم أو ان يشا يعذبكم " في مقام تعليل الامر السابق ثانيا، ويفيد أنه يجب على المؤمنين أن يتحرزوا من اغلاظ القول على غيرهم والقضاء بما الله أعلم به من سعادة أو شقاء كأن يقولوا: فلان سعيد بمتابعة النبي وفلان شقى وفلان من أهل الجنة وفلان من أهل النار وعليهم أن يرجعوا الامر ويفوضوه إلى ربهم فربكم - والخطاب للنبي وغيره - أعلم بكم وهو يقضى فيكم على ما علم من استحقاق الرحمة أو العذاب إن يشأ يرحمكم ولا يشاء ذلك الا مع الايمان والعمل الصالح على ما بينه في كلامه أو ان يشأ يعذبكم ولا يشاء ذلك الا مع الكفر والفسوق، وما جعلناك أيها النبي عليهم وكيلا مفوضا إليه أمرهم حتى تختار لمن تشاء ما تشاء فتعطى هذا وتحرم ذاك.
ومن ذلك يظهر أن الترديد في قوله: " ان يشأ يرحمكم أو ان يشأ يعذبكم، باعتبار المشية المختلفة باختلاف الموارد بالايمان والكفر والعمل الصالح والطالح وأن قوله: " وما أرسلناك عليهم وكيلا " لردع المؤمنين عن أن يعتمدوا في نجاتهم على النبي صلى الله عليه وآله وسلم والانتساب إلى قبول دينه نظير قوله ليس: بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوء يجز به: النساء: 123 وقوله: " إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلهم أجرهم عند ربهم " البقرة: 62 وآيات أخرى في هذا المعنى.
وفى الآية أقوال أخر تركنا التعرض لها لعدم الجدوى.
قوله تعالى: " وربك أعلم بمن في السماوات والأرض ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض وآتينا داود زبورا " صدر الآية توسعة في معنى التعليل السابق كأنه قيل:
(١١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة الإسراء 5
2 (9 - 22) كلام في القضاء في فصول (بحث روائي) 72
3 1 - تحصيل معناه وتحديده 72
4 2 - نظرة فلسفية في معنى القضاء 72
5 3 - الروايات 73
6 (23 - 39) كلام في حرمة الزنا (بحث قرآني) 74
7 (66 - 72) كلام في الفضل بين الانسان والملك (بحث مختلط) 160
8 (82 - 100) في تعلق القضاء بالشرور (بحث فلسفي) 187
9 (82 - 100) كلام في سنخية الفعل وفاعله (بحث قرآني) 194
10 (82 - 100) تعقيب البحث من جهة القرآن (بحث قرآني) 194
11 (101 - 111) في نزول القرآن نجوما في فصول 194
12 (101 - 111) 1 - في انقسامات القرآن 230
13 (101 - 111) 2 - في عدد السور 232
14 (101 - 111) 3 - في ترتيب السور 233
15 سورة الكهف 235
16 (سورة الكهف) كلام حول قصة أصحاب الكهف في فصول (بحث قرآني وتاريخي) 290
17 (9 - 26) 1 - الروايات 290
18 2 - قصة أصحاب الكهف في القرآن 292
19 3 - القصة عند غير المسلمين 294
20 4 - أين كهف أصحاب الكهف؟ 295
21 (60 - 82) بحث في فصلين (بحث تاريخي) 350
22 قصة موسى والخضر في القرآن 350
23 (83 - 102) كلام حول قصة ذي القرنين في فصول (بحث قرآني وتاريخي) 378
24 1 - قصة ذي القرنين في القرآن 378
25 2 - ذكرى ذي القرنين والسد ويأجوج ومأجوج في أخبار الماضين 379
26 3 - من هو ذو القرنين وأين سده والأقوال فيه 381
27 4 - معنى صيرورة السد دكاء كما أخبر به القرآن 396