ازدياد النفور يبلغ بهم إلى الجحود ومعاندة الحق والصد عنه ولا فساد أعظم منه في باب الدعوة.
لكن ينبغي أن يعلم أن الكفر والجحود والنفور عن الحق والعناد معه كما كانت تضر أصحابها ويوردهم مورد الهلاك فهى تنفع أرباب الايمان والرضا بالحق والتسليم له إذ لو لم يتحقق لهذه الخصال الحسنة والصفات الجميلة مقابلات لم تتحقق لها كينونة فافهم ذلك.
فمن الواجب في الحكمة أن تتم الحجة ثم تزيد في تمامها حتى يظهر من الشقى كل ما في وسعه من الشقاء، ويتخذ السعداء بمختلف مساعيهم من الدرجات ما يحاذي دركات الأشقياء وقد قال تعالى " كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظورا: الآية 20 من السورة.
قوله تعالى: " قل لو كان معه آلهة كما يقولون إذا لابتغوا إلى ذي العرش سبيلا " اعرض عن مخاطبتهم فصرف الخطاب إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأمره أن يكلمهم في أمر التوحيد ونفى الشريك والذي يقولون به أن هناك آلهة دون الله يتولون جهات التدبير في العالم على اختلاف مراتبهم والواحد منهم رب لما يدبره كإله السماء وإله الأرض وإله الحرب وإله قريش.
وإذ كانوا شركاء من جهة التدبير لكل واحد منهم الملك على حسب ربوبيته والملك من توابع الخلق الذي يختص به سبحانه حتى على معتقدهم (1) كان الملك مما يقبل في نفسه ان يقوم به غيره تعالى وحب الملك والسلطنة ضروري لكل موجود كانوا بالضرورة طالبين ان ينازعوه في ملكه وينتزعوه من يده حتى ينفرد الواحد منهم بالملك والسلطنة، ويتعين بالعزة والهيمنة تعالى الله عن ذلك.
فملخص الحجة انه لو كان معه آلهة كما يقولون وكان يمكن أن ينال غيره تعالى شيئا من ملكه الذي هو من لوازم ذاته الفياضة لكل شئ وحب الملك والسلطنة مغروز